معاني القرآن للفراء - الفراء  
{ٱقۡرَأۡ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفۡسِكَ ٱلۡيَوۡمَ عَلَيۡكَ حَسِيبٗا} (14)

وقوله : { اقْرَأْ كِتَابَكَ14 } : فيها - والله أعلم - ( يُقَال ) مضمرة . مثل قوله { ويَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ } ومثل قوله { فَأَما الذِينَ اسْوَدَّتْ وُجوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ } المعنى - والله أعلم - : فيقال : أكفرتم .

قوله : { كَفي بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً 14 }

وكلّ ما في القرآن منْ قوله { وكَفى بربّك } { وكفي بالله } و { كَفي بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ } فلو ألقيت الباء كان الحرف مرفوعاً ؛ كما قال الشاعر :

ويخبرني عن غائب المَرْء هَدْيُه *** كفى الهَدْيُ عَما غَيَّب المرءُ مُخبِرا

وإنما يجوز دخول البَاء في المرفوع إذا كان يُمدح به صَاحبُه ؛ ألا ترى أنك تقول : كفاكَ به ونهاكَ به وأكرِم به رجلاً ، وبِئس به رجلا ، ونعم به رجلا ، وطاب بطعامك طعاما ، وجَاد بثوبك ثوباً . ولو لم يكن مدحا أو ذما لم يجز دخولها ؛ ألا ترى أن الذي يقول : قامَ أخوكَ أو قعد أخوك لا يجوز له أن يقول : قام بأخيك ولا قَعَد بأخيك ؛ إلاَّ أن يُريد قام به غيره وقعَد به .