السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ٱقۡرَأۡ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفۡسِكَ ٱلۡيَوۡمَ عَلَيۡكَ حَسِيبٗا} (14)

ثم إنه إذا لقي كتابه يوم القيامة يوم العرض قيل له : { اقرأ كتابك } أي : بنفسك { كفى بنفسك اليوم } الذي تكشف فيه الستور وتظهر جميع الأمور { عليك حسيباً } أي : حساباً بليغاً فإنك تعطى القدرة على قراءته أمياً كنت أو قارئاً ولا ترى فيه زيادة ولا نقصاناً ولا تقدر أن تنكر منه حرفاً وإن أنكره لسانك شهدت عليك أركانك فيا لها من قدرة باهرة وقوّة قاهرة ونصفة ظاهرة . قال الحسن : عدل والله في حقك من جعلك حسيب نفسك . وقال السدي : يقول الكافر يومئذٍ إنك قضيت أنك لست بظلام للعبيد فاجعلني أحاسب نفسي فيقال له : { اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً } فإن قيل : قد قال تعالى : { وكفى بنا حاسبين } فكيف الجمع في ذلك ؟ أجيب : بأنّ المراد بالحسيب هنا الشهيد أي : كفى بشخصك اليوم شاهداً عليك أو أنّ القيامة مواقف مختلفة ففي موقف يكل الله تعالى حسابهم إلى أنفسهم وعلمه محيط بهم وفي آخر يحاسبهم هو .