الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{ٱقۡرَأۡ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفۡسِكَ ٱلۡيَوۡمَ عَلَيۡكَ حَسِيبٗا} (14)

{ اقرأ } على إرادة القول . وعن قتادة : يقرأ ذلك اليوم من لم يكن في الدنيا قارئاً . و { بِنَفْسِكَ } فاعل كفى . و { حَسِيباً } تمييز وهو بمعنى حاسب كضريب القداح بمعنى ضاربها وصريم بمعنى صارم ذكرهما سيبويه . وعلى متعلق به من قولك حسب عليه كذا . ويجوز أن يكون بمعنى الكافي وضع موضع الشهيد فعدّي بعلى لأنّ الشاهد يكفي المدعي ما أهمه .

فإن قلت : لم ذكر حسيباً ؟ قلت : لأنه بمنزلة الشهيد والقاضي والأمير ؛ لأنّ الغالب أنّ هذه الأمور يتولاها الرجال ، فكأنه قيل : كفى بنفسك رجلاً حسيباً . ويجوز أن يتأوّل النفس بالشخص ، كما يقال : ثلاثة أنفس . وكان الحسن إذا قرأها قال : يا ابن آدم ، أنصفك والله من جعلك حسيب نفسك .