التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتۡ وَرۡدَةٗ كَٱلدِّهَانِ} (37)

ثم بين - سبحانه - بعد ذلك جانبا من أهوال يوم القيامة ، ومن العذاب الذى يحيط بالمجرمين ، وينزل بهم ، فقال - تعالى - : { فَإِذَا انشقت . . . } .

جواب " إذا " فى قوله - سبحانه - : { فَإِذَا انشقت السمآء فَكَانَتْ وَرْدَةً كالدهان } محذوف لتهويل أمره . . .

وقوله - سبحانه - : { فَكَانَتْ وَرْدَةً } تشبيه بليغ ، أى : فكانت كالوردة فى الحمرة .

والوردة جمعها ورود ، وهى زهرة حمراء معروفة ذات أغصان شائكة . والدهان : ما يدهن به الشىء . . . أى : فإذا انشقت السماء ، فصارت حين انشقاقها وتصدعها ، كالوردة الحمراء فى لونها ، وكالدهان الذى يدهن به الشىء فى ذوبانها وسيلانها ، رأيت ما يفزع القلوب ، ويزلزل النفوس من شدة الهول .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السمآء بالغمام وَنُزِّلَ الملائكة تَنزِيلاً الملك يَوْمَئِذٍ الحق للرحمن وَكَانَ يَوْماً عَلَى الكافرين عَسِيراً } وقوله - سبحانه - : { فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ وَحُمِلَتِ الأرض والجبال فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الواقعة وانشقت السمآء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ } وقوله - عز وجل - : { يَوْمَ تَكُونُ السمآء كالمهل وَتَكُونُ الجبال كالعهن وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً }

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتۡ وَرۡدَةٗ كَٱلدِّهَانِ} (37)

جواب «إذا » محذوف مقصود به الإبهام ، كأنه يقول : { فإذا انشقت السماء } فما أعظم الهول ، وانشقاق السماء انفطارها عند القيامة . وقال قتادة : السماء اليوم خضراء وهي يوم القيامة حمراء ، فمعنى قوله : { وردة } أي محمرة كالوردة وهي النوار المعروف . وهذا قول الزجاج والرماني . وقال ابن عباس وأبو صالح والضحاك : هي من لون الفرس الورد ، فأنث لكون { السماء } مؤنثة .

واختلف الناس في قوله : { كالدهان } فقال مجاهد والضحاك : هو جمع دهن ، قالوا وذلك أن السماء يعتريها يوم القيامة ذوب وتميع من شدة الهول . وقال بعضهم : شبه لمعانها بلمعان الدهن . وقال جماعة من المتأولين الدهان : الجلد الأحمر ، وبه شبهها ، وأنشد منذر بن سعيد : [ الطويل ]

يبعن الدهان الحمر كل عشية . . . بموسم بدر أو بسوق عكاظ{[10836]}


[10836]:قال في اللسان:"الدهان: الجلد الأحمر، وقيل: الأملس" فالبيت يصف من يبعن الجلد الأحمر في الأسواق كل عشية، وهو شاهد على أن الدهان هو الجلد الأحمر.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتۡ وَرۡدَةٗ كَٱلدِّهَانِ} (37)

تفريع إخبار على إخبار فرع على بعض الخبر المجمل في قوله : { سنفرغ لكم أيها الثقلان } [ الرحمن : 31 ] إلى آخره ، تفصيل لذلك الإجمال بتعيين وقته وشيء من أهوال ما يقع فيه للمجرمين وبشائر ما يعطاه المتّقون من النعيم والحبور .

وقوله : { فكانت وردة } تشبيه بليغ ، أي كانت كوَرْدة .

والوَرْدَة : واحدة الورد ، وهو زهر أحمر من شجرة دقيقة ذات أغصان شائكة تظهر في فصل الربيع وهو مشهور . ووجه الشبه قيل هو شدة الحمرة ، أي يتغير لون السماء المعروف أنه أزرق إلى البياض ، فيصير لونها أحمر قال تعالى : { يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات } [ إبراهيم : 48 ] . ويجوز عندي : أن يكون وجه الشبه كثرة الشقوق كأوراق الوردة .

والدهان ، بكسر الدال : دردي الزيت . وهذا تشبيه ثان للسماء في التموج والاضطراب .