التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ قَدۡ أُجِيبَت دَّعۡوَتُكُمَا فَٱسۡتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (89)

{ قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا فاستقيما وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الذين لاَ يَعْلَمُونَ } .

أى : قال الله - تعالى - لموسى هارون - عليهما السلام - : أبشرا فقد أجبت دعوتكما في شأن فرعون وملئه { فاستقيما } على أمرى ، وامضيا في دعوتكما الناس إلى الحق ، واثبتا على ما أنتما عليه من الإِيمان بى والطاعة لأمرى .

{ وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الذين لاَ يَعْلَمُونَ } ما جرت به سنتى في خلقى ، ولا يدركون طريق الخير من طريق البشر .

وكان الجواب من الله - تعالى - لموسى وهارون ، مع أن الداعى موسى فقط كما صرحت الآيات السابقة ، لأن هارون كان يؤمن على دعاء أخيه موسى والتأمين لون من الدعاء .

هذا ، ومن الحكم والعظات التي نأخذها من هاتين الآيتين الكريمتين : أن من علامات الإِيمان الصادق . أن يكون الإِنسان غيورا على دين الله ، ومن منظاهر هذه الغيرة أن يتمنى زوال النعمة من بين أيدى المصرين على جحودهم وفسوقهم وبطرهم لأن وجود النعم بين أيديهم كثيرا ما يكون سببا في إيذاء المؤمنين ، وإدخال القلق والحيرة على نفوس بعضهم .

وأن الداعى متى توجه إلى الله - تعالى - بقلب سليم ، ولسان صادق ، كان دعاؤه مرجو القبول عنده - سبحانه - .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ قَدۡ أُجِيبَت دَّعۡوَتُكُمَا فَٱسۡتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (89)

{ قال قد أجيبت دعوتكما } يعني موسى وهارون لأنه كان يؤمن . { فاستقيما } فاثبتا على ما أنتما عليه من الدعوة وإلزام الحجة ، ولا تستعجلا فإن ما طلبتما كائن ولكن في وقته . روي : أنه مكث فيهم بعد الدعاء أربعين سنة . { ولا تتّبعان سبيل الذين لا يعلمون } طريق الجلهة في الاستعجال أو عدم الوثوق والاطمئنان بوعد الله تعالى ، وعن ابن عامر برواية ابن ذكوان ولا تتبعان بالنون الخفيفة وكسرها لالتقاء الساكنين ، { ولا تتبعان } من تبع { ولا تتبعان } أيضا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ قَدۡ أُجِيبَت دَّعۡوَتُكُمَا فَٱسۡتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (89)

وقوله { فاستقيما } أي على ما أمرتما به من الدعاء إلى الله ، وأمر بالاستقامة وهما على الإدامة والتمادي ، وقرأ نافع والناس «تتّبعانّ » بشد التاء والنون على النهي ، وقرأ ابن عامر وابن ذكوان «تتبعانّ » بتخفيف التاء وشد النون ، وقرأ ابن ذكوان أيضاً : «تتّبعانِ » بشد التاء وتخفيف النون وكسرها ، وقرأت فرقة «تَتبعانْ » بتخفيفها وسكون النون رواه الأخفش الدمشقي عن أصحابه عن ابن عامر ، فأما شد النون فهي النون الثقيلة حذفت معها نون التثنية للجزم كما تحذف معها الضمة في لتفعلنّ بعد ألف التثنية وأما تخفيفها فيصح أن تكون الثقيلة خففت ويصح أن تكون نون التثنية ويكون الكلام خبراً معناه الأمر ، أي لا ينبغي أن تتبعا ، قال أبو علي : إن شئت جعلته حالاً من استقيما كأنه قال غير متبعين . قال القاضي أبو محمد : والعطف يمانع في هذا فتأمله .