التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَيَسۡتَجِيبُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضۡلِهِۦۚ وَٱلۡكَٰفِرُونَ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٞ} (26)

وقوله - تعالى - : { وَيَسْتَجِيبُ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ } معطوف على قوله : { يَقْبَلُ التوبة عَنْ عِبَادِهِ } .

أى : ويستجيب سبحانه من الذين آمنوا دعاءهم ، ويزيدهم من فضله وإحسانه ، بأن يعطيهم من النعم والخيرات أكثر مما سألوا .

قال الآلوسى ما ملخصه : والموصول مفعول بدون تقدير شئ ، بناء على أن { يَسْتَجِيبُ } يتعدى بنفسه ، كما يتعدى باللام ، نحو شكرته وشكرت له ، أو بتقدير اللام على أنه من باب الحذف والإِيصال ، والأصل : ويستجيب للذين آمنوا . .

{ والكافرون لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } أى : هذا هو حال المؤمنين يجيب لهم - سبحانه - دعاءهم ، ويزيدهم من فضله وإحسانه . . . أما الكافرون الذين ستروا نعمه ، وجحدوا فضله ، فلهم عذاب شيدد لا يعلم مقداره إلا هو- سبحانه - .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَيَسۡتَجِيبُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضۡلِهِۦۚ وَٱلۡكَٰفِرُونَ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٞ} (26)

{ ويستجيب الذين آمنوا وعلموا الصالحات } أي يستجيب الله لهم فحذف اللام كما حذف في { وإذا كالوهم } والمراد إجابة الدعاء أو الإثابة على الطاعة ، فإنها كدعاء وطلب لما يترتب عليها . ومنه قوله صلى الله عليه وسلم " أفضل الدعاء الحمد لله " ، أو يستجيبون لله بالطاعة إذا دعاهم إليها . { ويزيدهم من فضله } على ما سألوا واستحقوا واستوجبوا له بالاستجابة . { والكافرون لهم عذاب شديد } بدل ما للمؤمنين من الثواب والتفضل .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَيَسۡتَجِيبُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضۡلِهِۦۚ وَٱلۡكَٰفِرُونَ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٞ} (26)

وقوله تعالى : { ويستجيب } قال الزجاج وغيره معناه : يجيب ، والعرب تقول : أجاب واستجاب بمعنى ومنه قول الشاعر [ كعب بن سعد الغنوي ] : [ الطويل ]

وداع دعا يا من يجيب الندا . . . فلم يستجبه عند ذاك مجيب{[10140]}

و : { الذين } على هذاا لقول مفعول ب { يستجيب } ، وروي هذا المعنى عن معاذ بن جبل رضي الله عنه{[10141]} ونحوه عن ابن عباس ، وقالت فرقة المعنى : ويستدعي الذين آمنوا الإجابة من ربهم بالأعمال الصالحة .

ودل قوله : { ويزيدهم من فضله } على أن المعنى فيجيبهم ، وحملت هذه الفرقة استجاب على المعهود من باب استفعل ، أي طلب الشيء . و : { الذين } على هذا القول فاعل ب { يستجيب } . وقالت فرقة : المعنى ويجيب المؤمنون ربهم ، ف { الذين } : فاعل بمعنى يجيبون دعوة شرعه ورسالته . والزيادة من فضله : هي تضعيف الحسنات ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «هي قبول الشفعات في المذنبين والرضوان »{[10142]} .


[10140]:هذا البيت لكعب بن سعد الغنوي، وهو من قصيدة طويلة ذكرها الأصمعي في الأصمعيات مقسمة إلى قصيدتين، وفي جمهرة أشعار العرب منسوبة إلى "محمد بن سعد الغنوي"، وهو خطأ واضح، وقد قالها كعب في رثاء أخيه أبي المغوار الذي قتل في وقعة ذي قار. وفيها كلام كثير، قال عنها الأصمعي: "ليس في الدنيا مثلها"، وقال أبو هلال العسكري: "ليس العرب مرثية أجود منها"، - راجع الموشح- وديوان المعاني، والأصمعيات، والجمهرة، ومنتهى الطلب، والسمط، وغيرها- والبيت في لسان العرب، وبعده يقول: فقلت ادع أخرى وارفع الصوت دعوة لعل أبا المغوار منك قريب قال في اللسان: "والإجابة: رجع الكلام، تقول: أجابه إجابة واستجابه واستجاب له، قال كعب بن سعد الغنوي يرثي أخاه أبا المغوار... ثم ذكر البيت".
[10141]:روى ابن جرير، وابن أبي حاتم، من حديث الأعمش، عن سلمة بن سبرة، قال: خطبنا معاذ رضي الله تعالى عنه بالشام فقال: "أنتم المؤمنون، وأنتم أهل الجنة، والله إني لأرجو أن يدخل الله تعالى من تسبون من فارس والروم الجنة، وذلك بأن أحدكم إذا عمل له- يعني أحدهم- عملا قال: أحسنت رحمك الله، أحسنت بارك الله فيك، ثم قرأ: {ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله}، ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره، وزاد السيوطي في الدر المنثور نسبة الحديث إلى ابن المنذر، والحاكم، وقال: إنه صحح الحديث.
[10142]:ذكر ابن كثير في تفسيره أن ابن أبي حاتم أخرجه من طريق الأعمش عن شقيق، عن عبد الله رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {ويزيدهم من فضله} قال: "الشفاعة لمن وجبت له النار ممن صنع إليهم معروفا في الدنيا".