ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة بالشهادة للرسول صلى الله عليه وسلم بأنه صادق في رسالته فقال : { وَيَقُولُ الذين كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً } .
أى : لست مرسلا من عند الله - تعالى - ، وقد حكى - سبحانه - قولهم الباطل هذا بصيغة الفعل المضارع ، للإِشارة إلى تكرار هذا القول منهم ، ولاستحضار أحوالهم العجيبة الدالة على إصرارهم على العناد والجحود .
وقوله : { قُلْ كفى بالله شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكتاب } أمر من الله - تعالى - لرسوله بأن يرد عليهم بما يخرس ألسنتهم .
والباء الداخلة على اسم الجلالة الذي هو فاعل { كفى } في المعنى ، مزيدة للتأكيد ، وقوله { وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكتاب } معطوف على اسم الجلالة ، والمراد بالموصول وبالكتاب الجنس .
والمعنى : قل لهم - أيها الرسول الكريم - تكفى شهادة الله بينى وبينكم ، فهو يعلم صدق دعوتى ، ويعلم كذبكم ، ويعلم ذلك - أيضا - كل من كان على علم بالكتب السماوية السابقة فإنها قد بشرت برسالتى ، وجاءت أوصافى فيها . . .
وممن شهد لى بالنبوة ورقة بن نوفل ، فأنتم تعلمون أنه قال لى عندما أخبرته بما حدث لى في غار حراء : " هذا هو الناموس - أى الوحى - الذي أنزله الله على موسى " . . .
وقيل المراد بمن عنده علم الكتاب : المسلمون ، وبالكتاب : القرآن ، والأول أرجح لشموله لكل من كان عنده بالكتب السماوية السابقة ، إذ هذا الشمول أكثر دلالة على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن ربه .
{ ويقول الذين كفروا لست مُرسلاً } قيل المراد بهم رؤساء اليهود . { قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم } فإنه أظهر من الأدلة على رسالتي ما يغني عن شاهد يشهد عليها . { ومن عنده علم الكتاب } علم القرآن وما ألف عليه من النظم المعجز ، أو علم التوراة وهو ابن سلام وأضرابه ، أو علم اللوح المحفوظ وهو الله تعالى ، أي كفى بالذي يستحق العبادة وبالذي لا يعلم ما في اللوح المحفوظ إلا هو شهيدا بيننا فيخزي الكاتب منا ، ويؤيده قراءة من قرأ { ومن عنده } بالكسر و{ علم الكتاب } وعلى الأول مرتفع بالظرف فإنه معتمد على الموصول ، ويجوز أن يكون مبتدأ والظرف خبره وهو متعين على الثاني . وقرئ { ومن عنده علم الكتاب } على الحرف والبناء للمفعول .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.