التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَوۡ تُسۡقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمۡتَ عَلَيۡنَا كِسَفًا أَوۡ تَأۡتِيَ بِٱللَّهِ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ قَبِيلًا} (92)

وقوله - عز وجل - : { أَوْ تُسْقِطَ السمآء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً . . . } اقتراح ثالث من مقترحاتهم الفاسدة .

ولفظ { كسفا } أى : قطعًا جمع كسفة - بكسر الكاف وسكون الشين ، يقال : كسفت الثوب أى : قطعته وهو حال من السماء ، والكاف فى قوله : { كما } صفة لموصوف محذوف .

والمعنى : أو تسقط أنت علينا السماء إسقاطا مماثلاً لما هددتنا به ، من أن فى قدرة ربك - عز وجل - أن ينزل علينا عذابًا متقطعًا من السماء .

ولعلهم يعنون بذلك قوله - تعالى - : { أَفَلَمْ يَرَوْاْ إلى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِّنَ السمآء والأرض إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأرض أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ السمآء . . . } وقيل : يعنون بذلك ، أنك وعدتنا أن يوم القيامة تنشق فيه السماء ، فعجل لنا ذلك فى الدنيا ، وأسقطها علينا ، كما حكى عنهم القرآن ذلك فى قوله - تعالى - { وَإِذْ قَالُواْ اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السمآء أَوِ ائتنا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ . . . } فهم يتعجلون العذاب ، والرسول صلى الله عليه وسلم ، يرجو لهم من الله - تعالى - الرحمة والهداية وتأخير العذاب عنهم ، لعله - سبحانه - أن يخرج من أصلابهم من يخلص له العبادة والطاعة .

وقوله - تعالى - { أَوْ تَأْتِيَ بالله والملائكة قَبِيلاً } تسجيل لمطلب رابع من مطالبهم القبيحة .

قال الآلوسى : { قبيلا } أى : مقابلاً ، كالعشير والمعاشر ، وأرادوا - كما جاء عن ابن عباس - عِيانًا .

وهذا كقولهم : { لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْنَا الملائكة أَوْ نرى رَبَّنَا } وفى رواية أخرى عنه وعن الضحاك تفسير القبيل بالكفيل ، أى : كفيلا بما تدعيه . يعنون شاهدا يشهد لك بصحة ما قلته .

وهو على الوجهين حال من لفظ الجلالة . . وعن مجاهد : القبيل الجماعة كالقبيلة ، فيكون حالاً من الملائكة - أى : أو تأتى بالله وبالملائكة قبيلة قبيلة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَوۡ تُسۡقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمۡتَ عَلَيۡنَا كِسَفًا أَوۡ تَأۡتِيَ بِٱللَّهِ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ قَبِيلًا} (92)

{ أو تُسقط السماء كما زعمت علينا كسفا } يعنون قوله تعالى : { أو تسقط عليهم كسفا من السماء } وهو كقطع لفظا ومعنى ، وقد سكنه ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي ويعقوب في جميع القرآن إلا في " الروم " وابن عامر إلا في هذه السورة ، وأبو بكر ونافع في غيرهما وحفص فيما عدا " الطور " وهو إما مخفف من المفتوح كسدرة وسدر أو فعل بمعنى مفعول كالطحن . { أو تأتي بالله والملائكة قبيلاً } كفيلا بما تدعيه أي شاهدا على صحته ضامنا لدركه ، أو مقابلا كالعشير بمعنى المعاشر وهو حال من الله وحال الملائكة محذوفة لدلالتها عليها كما حذف الخبر في قوله :

فإني وقَيَّار بها لغريبُ *** . . . . . . . . . . . . . .