التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لِّيُدۡخِلَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عِندَ ٱللَّهِ فَوۡزًا عَظِيمٗا} (5)

واللام فى قوله - سبحانه - : { لِّيُدْخِلَ المؤمنين والمؤمنات جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار . . } متعلقة بمحذوف أو بقوله : { فَتْحاً } .

أى : فعل - سبحانه - ما فعل من جعل جنود السماوات والأرض تحت سيطرته وملكه ، ومن دفع الناس بعضعهم ببعض ، ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار . { خَالِدِينَ فِيهَا } خلودا أبديا { وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ } التى فعلوها فى دنياهم ، بأن يعفرها لهم ، ويزيلها عنهم ، بل ويحولها لمن شاء منهم بفضله وكرمه إلى حسنات .

{ وَكَانَ ذَلِكَ } الإِدخال للمؤمنين الجنة ، وتكفير سيئاتهم . .

{ عِندَ الله } - تعالى - { فَوْزاً عَظِيماً } لا يقادر قدره ، لأنه نهاية آمال المؤمنين ، وأقصى ما يتمناه العقلا المخلصون .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لِّيُدۡخِلَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عِندَ ٱللَّهِ فَوۡزًا عَظِيمٗا} (5)

ثم قال تعالى : { لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا } ، قد تقدم حديث أنس : قالوا : هنيئا لك يا رسول الله ، هذا لك فما لنا ؟ فأنزل الله : { لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا } أي : ماكثين فيها أبدا . { وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ } أي : خطاياهم وذنوبهم ، فلا يعاقبهم عليها ، بل يعفو ويصفح ويغفر ، ويستر ويرحم ويشكر ، { وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا } ، كقوله { فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ } [ آل عمرن : 185 ] .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لِّيُدۡخِلَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عِندَ ٱللَّهِ فَوۡزًا عَظِيمٗا} (5)

اللام للتعليل متعلقة بفعل { ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم } [ الفتح : 4 ] فما بعد اللام علة لعلة إنزال السكينة فتكون علة لإنزال السكينة أيضاً بواسطة أنه علة العلة .

وذكر المؤمنات مع المؤمنين هنا لدفع توهم أن يكون الوعد بهذا الإدخال مختصاً بالرجال . وإذ كانت صيغة الجمع صيغة المذكر مع ما قد يؤكد هذا التوهم من وقوعه علة أو علةَ علةٍ للفتح وللنصر وللجنود وكلها من ملابسات الذكور ، وإنما كان للمؤمنات حظ في ذلك لأنهن لا يخلون من مشاركة في تلك الشدَائد ممن يقمن منهن على المرضى والجرحى وسقي الجيش وقت القتال ومن صبر بعضهنّ على الثُّكل أو التأيّم ، ومن صبرهن على غيبة الأزواج والأبناء وذوي القرابة . والإشارة في قوله { وكان ذلك } إلى المذكور من إدخال الله إياهم الجنة .

والمراد بإدخالهم الجنة إدخال خاص وهو إدخالهم منازل المجاهدين وليس هو الإدخال الذي استحقوه بالإيمان وصالح الأعمال الأخرى . ولذلك عطف عليه { ويكفر عنهم سيئاتهم } .

والفوز : مصدر ، وهو الظفر بالخير والنجاح . و { عند الله } متعلّق ب { فوزاً } ، أي فازوا عند الله بمعنى : لقوا النجاح والظفر في معاملة الله لهم بالكرامة وتقديمه على متعلقه للاهتمام بهذه المعاملة ذات الكرامة .