التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَلۡقَىٰ مَعَاذِيرَهُۥ} (15)

{ وَلَوْ ألقى مَعَاذِيرَهُ } أى : ولو جاء بكل معذرة يعتذر بها عن نفسه ويجادل عنها

وعن الضحاك : ولو أرخى ستوره ، وقال : المعاذير : الستور ، واحدها معذار ، فإن صح فلأنه يمنع رؤية المحتجب ، كما تمنع المعذرة عقوبة المذنب .

فإن قلت : أليس قياس المعذرة أن تجمع لا معاذير ؟ قلت : المعاذير ليس بجمع معذرة ، إنما هو اسم جمع لها .

ونحوه : المناكير فى المنكر .

فالمقصود بهاتين الآيتين : بيان أن الإِنسان لن يستطيع أن يهرب من نتائج عمله مهما حاول ذلك ، لأن جوارحه شاهدة عليه ، ولأن أعذاره لن تكون مقبولة ، لأنها جاءت فى غير وقتها ،

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَلۡقَىٰ مَعَاذِيرَهُۥ} (15)

وقال مجاهد : { وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ } ولو جادل عنها فهو بصير عليها . وقال قتادة : { وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ } ولو اعتذر يومئذ بباطل لا يقبل منه . وقال السدي : { وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ } حجته . وكذا قال ابن زيد ، والحسن البصري ، وغيرهم . واختاره ابن جرير .

وقال قتادة ، عن زرارة ، عن ابن عباس : { وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ } يقول : لو ألقى ثيابه .

وقال الضحاك : ولو أرخى ستوره ، وأهل اليمن يسمون الستر : المعذار .

والصحيح قول مجاهد وأصحابه ، كقوله : { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [ الأنعام : 23 ] وكقوله { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ } [ المجادلة : 18 ] .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : { وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ } هي الاعتذار{[29545]} ألم تسمع أنه قال : { لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ } [ غافر : 52 ] وقال { وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ } [ النحل : 87 ] { فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ } [ النحل : 28 ] وقولهم { وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ }


[29545]:- (1) في أ: "هي الأعذار".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَلۡقَىٰ مَعَاذِيرَهُۥ} (15)

ولو ألقى معاذيره ولو جاء بكل ما يمكن أن يعتذر به جمع معذار وهو العذر أو جمع معذرة على غير قياس بصيرة بها فلا يحتاج إلى الإنباء ولو ألقى معاذيره ولو جاء بكل ما يمكن أن يعتذر به جمع معذار وهو العذر أو جمع معذرة على غير قياس كالمناكير في المنكر فإن قياسه معاذر وذلك أولى وفيه نظر .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَلۡقَىٰ مَعَاذِيرَهُۥ} (15)

وجملة { ولو ألقَى معاذيرَه } في موضع الحال من المبتدأ وهو الإِنسان ، وهي حالة أجدر بثبوت معنى عاملها عند حصولها .

{ لو } هذه وَصْلِيَّةٌ كما تقدم عند قوله تعالى : { فلن يقبل من أحدهم مِلْءُ الأرض ذهباً ولو افتدى به } في آل عمران ( 91 ) . والمعنى : هو بصيرة على نفسه حتى في حال إلقائه معاذيره .

والإِلقاء : مراد به الإِخبار الصريح على وجه الاستعارة ، وقد تقدم عند قوله تعالى : { فألْقَوا إليهم القول إنكم لكاذبون } في سورة النحل ( 86 ) .

والمعاذير : اسم جمع مَعذرة ، وليس جمعاً لأن معذرة حقه أن يُجمع على معَاذر ، ومثل المعاذير قولهم : المناكير ، اسم جمع مُنْكَر . وعن الضحاك : أن معاذير هُنا جمع مِعْذار بكسر الميم وهو السِتر بلغة اليمن يكون الإِلقاء مستعملاً في المعنى الحقيقي ، أي الإِرخاء ، وتكون الاستعارة في المعاذير بتشبيه جحد الذنوب كذباً بإلقاء الستر على الأمر المراد حجبه .

والمعنى : أن الكافر يعلم يومئذٍ أعماله التي استحق العقاب عليها ويحاول أن يعتذر وهو يعلم أن لا عذر له ولو أفصح عن جميع معاذيره .

و{ معاذيره } : جمع معرف بالإِضافة يدل على العموم . فمن هذه المعاذير قولهم : { رب ارجعون لعليَ أعْمَلُ صالحاً فيما تركتُ } [ المؤمنون : 99 ، 100 ] ومنها قولهم : { ما جاءَنا من بشير } [ المائدة : 19 ] وقولهم : { هؤلاء أضَلونا } [ الأعراف : 38 ] ونحو ذلك من المعاذير الكاذبة .