التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَأَخِي هَٰرُونُ هُوَ أَفۡصَحُ مِنِّي لِسَانٗا فَأَرۡسِلۡهُ مَعِيَ رِدۡءٗا يُصَدِّقُنِيٓۖ إِنِّيٓ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ} (34)

ثم أضاف إلى ذلك قوله : { وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً } أى هو أقدر منى على المدافعة عن الدعوة وعلى تبيان الحق وتوضيحه .

{ فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إني أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ } والردء : العون والنصير .

يقال : ردأته على عدوه وأردأته ، إذا أعنته عليه ، وردأت الجدار إذا قويته بما يمنعه من أن ينقض .

أى : فأرسل أخى هارون معى إلى هؤلاء القوم ، لكى يساعدنى ويعيننى على تبليغ رسالتك ، ويصدقنى فيما سأدعوهم إليه ، ويخلفنى إذا ما اعتدى على . { إني أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ } إذا لم يكن معى أخى هارون يعيننى ويصدقنى .

والمتأمل فى هذا الكلام الذى ساقه الله - تعالى - على لسان موسى - عليه السلام - يرى فيه إخلاصه فى تبليغ رسالة ربه ، وحرصه على أن يؤتى هذا التبليغ ثماره الطيبة على أكمل صورة ، وأحسن وجه .

قال صاحب الكشاف : فإن قلت تصديق أخيه ما الفائدة فيه ؟

قلت : ليس الغرض بتصديقه أن يقول له صدقت ، أو يقول للناس صدق أخى ، وإنما هو أن يلخص بلسانه الحق ، ويبسط القول فيه ، ويجادل به الكفار كما يصدق القول بالبرهان . وفضل الفصاحة إنما يحتاج إليه لذلك ، لا لقوله : صدقت ، فإن سحبان وباقلا يستويان فيه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَأَخِي هَٰرُونُ هُوَ أَفۡصَحُ مِنِّي لِسَانٗا فَأَرۡسِلۡهُ مَعِيَ رِدۡءٗا يُصَدِّقُنِيٓۖ إِنِّيٓ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ} (34)

{ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا } ، وذلك أن موسى ، عليه السلام ، كان في لسانه لثغة ، بسبب ما كان تناول تلك الجمرة ، حين خُيّر بينها وبين التمرة أو الدرّة ، فأخذ الجمرة فوضعها على لسانه ، فحصل فيه شدة في التعبير ؛ ولهذا قال : { وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي . يَفْقَهُوا قَوْلِي . وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي . هَارُونَ أَخِي . اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي . وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي } [ طه : 27 - 32 ] أي : يؤنسني فيما أمرتني به من هذا المقام العظيم ، وهو القيام بأعباء النبوة والرسالة إلى هذا الملك المتكبر الجبار العنيد . ولهذا قال : { وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا [ يُصَدِّقُنِي ] }{[22314]} ، أي : وزيرًا ومعينًا ومقويًّا لأمري ، يصدقني فيما أقوله وأخبر به عن الله عز وجل ؛ لأن خبر اثنين أنجع في النفوس من خبر واحد ؛ ولهذا قال : { إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ } .

وقال محمد بن إسحاق : { رِدْءًا يُصَدِّقُنِي } أي : يبين لهم عني ما أكلمهم به ، فإنه يفهم [ عني ]{[22315]} .


[22314]:- زيادة من ت.
[22315]:- زيادة من أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَأَخِي هَٰرُونُ هُوَ أَفۡصَحُ مِنِّي لِسَانٗا فَأَرۡسِلۡهُ مَعِيَ رِدۡءٗا يُصَدِّقُنِيٓۖ إِنِّيٓ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ} (34)

{ وأخي هرون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا } معينا وهو في الأصل اسم ما يعان به كالدفء ، وقرأ نافع " ردا " بالتخفيف { يصدقني } بتخليص الحق وتقرير الحجة وتزييف الشبهة . { إني أخاف أن يكذبون } ولساني لا يطاوعني عند المحاجة ، وقيل المراد تصديق القوم لتقريره وتوضيحه لكنه أسند إليه إسناد الفعل إلى السبب ، وقرأ عاصم وحمزة { يصدقني } بالرفع على أنه صفة والجواب محذوف .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَأَخِي هَٰرُونُ هُوَ أَفۡصَحُ مِنِّي لِسَانٗا فَأَرۡسِلۡهُ مَعِيَ رِدۡءٗا يُصَدِّقُنِيٓۖ إِنِّيٓ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ} (34)

كان موسى عليه السلام قد امتحن بمخاوف فطلب شد العضد بأخيه { هارون } لأنه كان فصيح اللسان سجيح الخلق ، وقرأ الجمهور «ردءاً » بالهمز ، وقرأ نافع وحده «رداً » بتنوين الدال دون همز وهي قراءة أبي جعفر والمدنيين وذلك على التخفيف من ردء ، والردء الوزر المعين والذي يسند إليه في الأمر ، وذهبت فرقة إلى أنها من معنى الزيادة كما قال الشاعر [ القرطبي ] : [ الطويل ]

وأسمر خطّي كأن كعوبه . . . نوى القسب قد أردى ذراعاً على العشر{[1]}

وهذا على ترك الهمز وأن يكون وزنه فعلا ، وقرأ الجمهور «يصدقْني » بالجزم وذلك على جواب { فأرسله } ، وقرأ عاصم وحمزة «يصدقني » أي مصدقاً فهو صفة للردء أو حال .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟