الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَأَخِي هَٰرُونُ هُوَ أَفۡصَحُ مِنِّي لِسَانٗا فَأَرۡسِلۡهُ مَعِيَ رِدۡءٗا يُصَدِّقُنِيٓۖ إِنِّيٓ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ} (34)

قوله تعالى : " فأرسله معي ردءا " يعني معينا مشتق من أردأته أي أعنته والردء العون قال الشاعر :

ألم تر أنَّ أصْرَمَ كان رِدْئِي *** وخيرُ الناس في قُلٍّ ومَالِ

النحاس : وقد أردأه ورداه أي أعانه ، وترك همزه تخفيفا . وبه قرأ نافع : وهو بمعنى المهموز . قال المهدوي : ويجوز أن يكون ترك الهمز من قولهم أردى على المائة أي زاد عليها ، وكأن المعنى أرسله معي زيادة في تصديقي قاله مسلم بن جندب . وأنشد قول الشاعر :

وأسْمَرَ خَطِّيًّا كأنَّ كُعُوبَهُ *** نوى القَسْبِ قد أرْدَى ذِرَاعًا على العَشْرِ

كذا أنشد الماوردي هذا البيت : قد أردى . وأنشده الغزنوي والجوهري في الصحاح قد أرمى{[12370]} . قال : والقسب الصلب ، والقسب تمر يابس يتفتت في الفم صلب النواة . قال يصف رمحا : وأسمر البيت . قال الجوهري : ردؤ الشيء يردؤ رداءة فهو رديء أي فاسد ، وأردأته أفسدته ، وأردأته أيضا يعني أعنته . تقول : أردأته بنفسي أي كنت له ردءا . وهو العون قال الله تعالى : " فأرسله معي رداء يصدقني " . قال النحاس : وقد حكى ردأته : ردءا وجمع ردء أرداة وقرأ عاصم وحمزة : " يصدقني " بالرفع وجزم الباقون . وهو اختيار أبي حاتم على جواب الدعاء واختار الرفع أبو عبيد على الحال من الهاء في " أرسله " أي أرسله ردءا مصدقا حالة التصديق . كقوله : " أنزل علينا مائدة من السماء تكون " [ المائدة : 114 ] أي كائنة ، حال صرف إلى الاستقبال . ويجوز أن يكون صفة لقوله : " ردءا " " إني أخاف أن يكذبون " إذا لم يكن لي وزير ولا معين ؛ لأنهم لا يكادون يفقهون عني .


[12370]:أرمى وأرى لغتان.