البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَأَخِي هَٰرُونُ هُوَ أَفۡصَحُ مِنِّي لِسَانٗا فَأَرۡسِلۡهُ مَعِيَ رِدۡءٗا يُصَدِّقُنِيٓۖ إِنِّيٓ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ} (34)

الفصاحة : بسط اللسان في إيضاح المعنى المقصود ، ومقابله : اللكن .

الردء : المعين الذي يشد به في الأمر ، فعل بمعنى مفعول ، فهو اسم لما يعان به ، كما أن الدفء اسم لما يدفأ به . قال سلامة بن حندل :

وردء كل أبيض مشرفي شحيذ الحد عضب ذي فلول-   -

ويقال : ردأت الحائط أردؤه ، إذا دعمته بخشبة لئلا يسقط . وقال أبو عبيدة : العون ، ويقال : ردأته على عدوه : أعنته .

وذكر أخاه والعلة التي تكون له زيادة التبليغ .

و { أفصح } : يدل على أنه فيه فصاحة ، ولكن أخوه أفصح .

{ فأرسله معي ردأ } : أي معيناً يصدقني ، ليس المعنى أنه يقول لي : صدقت ، إذ يستوي في قول هذا اللفظ العيي والفصيح ، وإنما المعنى : أنه لزيادة فصاحته يبالغ في التبيان ، وفي الإجابة عن الشبهات ، وفي جداله الكفار .

وقرأ الجمهور : ردأ ، بالهمزة ؛ وأبو جعفر ، ونافع ، والمدنيان : بحذف الهمزة ونقل حركتها إلى الدال ؛ والمشهور عن أبي جعفر بالنقل ، ولا همز ولا تنوين ، ووجهه أنه أجرى الوصل مجرى الوقف .

وقرأ عاصم ، وحمزة : يصدقني ، بضم القاف ، فاحتمل الصفة لردأ ، والحال احتمل الاستئناف .

وقرأ باقي السبعة : بالإسكان .

وقرأ أبي ، وزيد بن علي : يصدقوني ، والضمير لفرعون وقومه .

قال ابن خالويه : هذا شاهد لمن جزم ، لأنه لو كان رفعاً لقال : يصدقونني .

انتهى ، والجزم على جواب الأمر .

والمعنى في يصدقوني : أرجو تصديقهم إياي ،