وأخي هارون هو أفصح مني لسانا } لأنه كان في لسانه حبسة ، إما في أصل الخلقة ، وإما لأجل أنه وضع الجمرة في فيه عندما نتف لحية فرعون .
أما قوله : { فأرسله معي ردءا يصدقني } ففيه أبحاث :
البحث الأول : الردء اسم ما يستعان به ، فعل بمعنى مفعول به ، كما أن الدفء اسم لما يدفأ به ، يقال ردأت الحائط أردؤه إذا دعمته بخشب أو غيره لئلا يسقط .
البحث الثاني : قرأ نافع ( ردءا ) بغير همز والباقون بالهمز ، وقرأ عاصم وحمزة ( يصدقني ) برفع القاف ، ويروى ذلك أيضا عن أبي عمرو والباقون بجزم القاف وهو المشهور عن أبي عمرو ، فمن رفع فالتقدير ردءا مصدقا لي ، ومن جزم كان على معنى الجزاء ، يعني أن أرسلته صدقني . ونظيره قوله : { فهب لي من لدنك وليا يرثني } بجزم الثاء من يرثني . وروى السدي عن بعض شيوخه ردءا كيما يصدقني .
البحث الثالث : الجمهور على أن التصديق لهارون ، وقال مقاتل : المعنى كي يصدقني فرعون والمعنى أرسل معي أخي حتى يعاضدني على إظهار الحجة والبيان ، فعند اجتماع البرهانين ربما حصل المقصود من تصديق فرعون .
البحث الرابع : ليس الغرض بتصديق هارون أن يقول له صدقت ، أو يقول للناس صدق موسى ، وإنما هو أن يلخص بلسانه الفصيح وجوه الدلائل ، ويجيب عن الشبهات ويجادل به الكفار فهذا هو التصديق المفيد ، ألا ترى إلى قوله : { وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي } وفائدة الفصاحة إنما تظهر فيما ذكرناه لا في مجرد قوله : ( صدقت ) .
البحث الخامس : قال الجبائي : إنما سأل موسى عليه السلام أن يرسل هارون بأمر الله تعالى ، وإن كان لا يدري هل يصلح هارون للبعثة أم لا ؟ فلم يكن ليسأل ما لا يأمن أن يجاب أو لا يكون حكمة ، ويحتمل أيضا أن يقال إنه سأله لا مطلقا بل مشروطا على معنى ، إن اقتضت الحكمة ذلك كما يقوله الداعي في دعائه .
البحث السادس : قال السدي : إن نبيين وآيتين أقوى من نبي بواحد وآية واحدة . قال القاضي والذي قاله من جهة العادة أقوى ، فأما من حيث الدلالة فلا فرق بين معجزة ومعجزتين ونبي ونبيين ، لأن المبعوث إليه إن نظر في أيهما كان علم ، وإن لم ينظر فالحالة واحدة ، هذا إذا كانت طريقة الدلالة في المعجزتين واحدة ، فإما إذا اختلفت وأمكن في إحداهما إزالة الشبهة ما لا يمكن في الأخرى ، فغير ممتنع أن يختلفا ويصلح عند ذلك أن يقال إنهما بمجموعهما أقوى من إحداهما على ما قاله السدي ، لكن ذلك لا يتأتى في موسى وهارون عليهما السلام ، لأن معجزتهما كانت واحدة لا متغايرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.