محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَأَخِي هَٰرُونُ هُوَ أَفۡصَحُ مِنِّي لِسَانٗا فَأَرۡسِلۡهُ مَعِيَ رِدۡءٗا يُصَدِّقُنِيٓۖ إِنِّيٓ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ} (34)

{ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا } أي فيكون أحسن بيانا . ولا يحتمل ذلك ما لم يكلف بمثل ما كلفت به { فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا } أي معينا { يُصَدِّقُنِي } أي لنشاط قلبي { إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ } أي يتفقوا على تكذيبي المؤدي إلى أنواع الأذيات .

قال الزمخشري : فإن قلت : تصديق أخيه ، ما الفائدة فيه ؟ قلت : ليس الغرض بتصديقه أن يقول له : صدقت ، أو يقول للناس : صدق موسى ، وإنما هو أن يلخص بلسانه الحق ويبسط القول فيه ويجادل به الكفار ، كما يفعل الرجل المنطيق ذو العارضة . فذلك جار مجرى التصديق المفيد ، كما يصدق القول بالبرهان . ألا ترى إلى قوله : { وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ } وفضل الفصاحة إنما يحتاج إليه لذلك . لا لقوله صدقت . فإن سحبان وباقلا يستويان فيه . أو يصل جناح كلامه ببيان حتى يصدقه الذي يخاف تكذيبه . فأسند التصديق إلى هارون لأنه السبب فيه ، إسنادا مجازيا . انتهى .