غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَأَخِي هَٰرُونُ هُوَ أَفۡصَحُ مِنِّي لِسَانٗا فَأَرۡسِلۡهُ مَعِيَ رِدۡءٗا يُصَدِّقُنِيٓۖ إِنِّيٓ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ} (34)

22

والردء اسم ما يعان به من ردأته أي أعنته فعل بمعنى مفعول به و{ يصدقني } بالرفع صفة وبالجزم جواب كما مر في قوله { ولياً يرثني } [ مريم : 56 ] والمراد بتصديق أخيه أن يذب ويجادل عنه لا أن يقول : صدقت فإن هذا القدر لا يفتقر إلى البيان والفصاحة لأن سحبان وباقلاً يستويان فيه . ويجوز أن يكون الضمير في { يصدقني } لفرعون . وجوّز جار الله أن يكون من الإسناد المجازي بناء على أن يصدق مسند إلى هارون وهو بيانه وبلاغته سبب تصديق فرعون يؤيده قوله { إني أخاف أن يكذبون } قال الجبائي : إنما سأل موسى أن يرسل هارون بأمر الله تعالى ولم يكن ليسأل ما لا يأمن أن يجاب أولا يكون حكمة . ولقائل أن يقول : لعله سأله مشروطاً على معنى إن اقتضت الحكمة ذلك كما يقول الداعي في دعائه . وقال السدي : علم أن الاثنين أقوى من الواحد فلهذا سأل اعترض القاضي بأن هذا من حيث العادة وأما من حيث الدلالة فلا فرق بين معجزة ومعجزتين ، لأن المبعوث إليه في أيهما نظر علم وإن لم ينظر فالحال واحدة . هذا إذا كانت طريقة الدلالة بين المعجزتين واحدة ، فأما إذا اختلف وأمكن في إحداهما من إزالة الشبهة مالا يمكن في الأخرى فغير ممتنع أن يقال : إنهما بمجموعهما أقوى من واحدة كما قال السدي ، لكن ذلك لا يتأتى في موسى وهارون لأن معجزتهما كانت واحدة .

/خ42