فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَأَخِي هَٰرُونُ هُوَ أَفۡصَحُ مِنِّي لِسَانٗا فَأَرۡسِلۡهُ مَعِيَ رِدۡءٗا يُصَدِّقُنِيٓۖ إِنِّيٓ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ} (34)

{ وَأَخِى هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنّي لِسَاناً } لأنه كان في لسان موسى حبسة كما تقدّم بيانه ، والفصاحة لغةً : الخلوص ، يقال : فصح اللبن ، وأفصح : فهو فصيح ، أي خلص من الرغوة ، ومنه فصح الرجل : جادت لغته ، وأفصح : تكلم بالعربية . وقيل الفصيح : الذي ينطق ، والأعجم : الذي لا ينطق . وأما في اصطلاح أهل البيان فالفصاحة : خلوص الكلمة عن تنافر الحروف والغرابة ومخالفة القياس . وفصاحة الكلام : خلوصه من ضعف التأليف ، والتعقيد . وانتصاب { رِدْءاً } على الحال ، والردء : المعين ، من أردأته ، أي أعنته ، يقال : فلان ردء فلان : إذا كان ينصره ، ويشدّ ظهره ، ومنه قول الشاعر :

ألم تر أن أصرم كان ردئي *** وخير الناس في قلّ ومال

وحذفت الهمزة تخفيفاً في قراءة نافع ، وأبي جعفر ، ويجوز أن يكون ترك الهمز من قولهم : أردى على المائة : إذا زاد عليها ، فكان المعنى : أرسله معي زيادة في تصديقي ، ومنه قول الشاعر :

وأسمر خطياً كأن كعوبه *** نوى القسب قد أردى ذراعاً على العشر

وروي البيت في الصحاح بلفظ قد أربى ، والقسب : الصلب ، وهو الثمر اليابس الذي يتفتت في الفم ، وهو صلب النواة . { يُصَدّقُنِي } قرأ عاصم وحمزة { يصدقني } بالرفع على الاستئناف ، أو الصفة ل { ردءاً } ، أو الحال من مفعول أرسله ، وقرأ الباقون بالجزم على جواب الأمر ، وقرأ أبي وزيد بن عليّ { يصدقون } أي فرعون وملؤه { إِنّي أَخَافُ أَن يُكَذّبُونِ } إذا لم يكن معي هارون لعدم انطلاق لساني بالمحاجة .

/خ43