التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{طَاعَةٞ وَقَوۡلٞ مَّعۡرُوفٞۚ فَإِذَا عَزَمَ ٱلۡأَمۡرُ فَلَوۡ صَدَقُواْ ٱللَّهَ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ} (21)

ويكون قوله - تالى - بعد ذلك { طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ } كلام مستأنف والخبر محذوف .

أى : طاعة وقول معروف منكم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خير لكم من هذا الذميم .

ويصح أن يكون قوله - سبحانه - { أولى } مبتدأ . وقوله { لَهُمْ } متعلق به . والخبر قوله { طَاعَةٌ } . واللام فى { لَهُمْ } أيضا . بمعنى الباء .

ويكون المعنى : أولى بهؤلاء المنافقين من أن ينظروا إليك نظر المغشى عليه من الموت ، الطاعة التامة لك ، والقول المعروف أمامك ، لأن ذلك يحملهم متى أخلصوا قلوبهم لله - تعالى - على الإِقلاع عن النفاق .

ولعل هذا القول الأخير هو أقرب الأقوال إلى سياق الآيات ، لأن فيه إرشاداً لهم إلى ما يحميهم من تلك الأخلاق المرذولة التى على رأسها الخداع والجبن والخور .

وقوله : { فَإِذَا عَزَمَ الأمر فَلَوْ صَدَقُواْ الله لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ } متعلق بما قبله .

أى : أولى لهم الطاعة والقول المعروف ، وأولى لهم وأجدر بهم إذ جد الجد ، ووجب القتال ، أن يخلصوا لله - تعالى - نياتهم ، فإنهم لو صدقوا الله فى إيمانهم ، لكان صدقهم خيرا لهم ، من تلك المسالك الخبيثة التى سلكوها مع نبيهم - صلى الله عليه وسلم - .

قال الشوكانى : قوله { فَإِذَا عَزَمَ الأمر } عزم الأمر أى جد الأمر والقتال ووجب وفرض .

وأسند العزم إلى الأمر وهو لأصحابه على سبيل المجاز . وجواب { إِذَا } قيل هو { فَلَوْ صَدَقُواْ الله } وقيل محذوف والتقدير : كرهوه أى : إذا جد الأمر ولزم القتال خالفوا وتخلفوا .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{طَاعَةٞ وَقَوۡلٞ مَّعۡرُوفٞۚ فَإِذَا عَزَمَ ٱلۡأَمۡرُ فَلَوۡ صَدَقُواْ ٱللَّهَ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ} (21)

يقول تعالى مخبرا عن المؤمنين أنهم تمنوا شرعية الجهاد ، فلما فرضه الله ، عز وجل{[26680]} ، وأمر به نكل عنه كثير من الناس ، كقوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلا } [ النساء : 77 ] .

وقال ها هنا : { وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نزلَتْ سُورَةٌ } أي : مشتملة على حُكْم القتال ؛ ولهذا قال : { فَإِذَا أُنزلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ } أي : من فزعهم ورعبهم وجبنهم من لقاء الأعداء .

ثم قال مشجعا لهم : { فَأَوْلَى لَهُمْ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ } أي : وكان الأولى بهم أن يسمعوا ويطيعوا ، أي : في الحالة الراهنة ، { فَإِذَا عَزَمَ الأمْرُ } أي : جد الحال ، وحضر القتال ، { فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ } أي : أخلصوا له النية ، { لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ }


[26680]:- (1) في ت: "الله تعالى".

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{طَاعَةٞ وَقَوۡلٞ مَّعۡرُوفٞۚ فَإِذَا عَزَمَ ٱلۡأَمۡرُ فَلَوۡ صَدَقُواْ ٱللَّهَ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ} (21)

{ طاعة وقول معروف } استئناف أي أمرهم { طاعة } أو { طاعة وقول معروف } خير لهم ، أو حكاية قولهم لقراءة أبي " يقولون طاعة " . { فإذا عزم الأمر } أي جد وهو لأصحاب الأمر ، وإسناده إليه مجاز وعامل الظرف محذوف ، وقيل { فلو صدقوا الله } أي فيما زعموا من الحرص على الجهاد أو الإيمان . { لكان } الصدق . { خيرا لهم } .