التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالُواْ يَٰصَٰلِحُ قَدۡ كُنتَ فِينَا مَرۡجُوّٗا قَبۡلَ هَٰذَآۖ أَتَنۡهَىٰنَآ أَن نَّعۡبُدَ مَا يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكّٖ مِّمَّا تَدۡعُونَآ إِلَيۡهِ مُرِيبٖ} (62)

ثم حكى القرآن ما رد به قوم صالح عليه فقال : { قَالُواْ ياصالح قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هذا . . } .

أى : قال قوم صالح له بعد أن دعاهم لما يسعدهم : يا صالح لقد كنت فينا رجلا فاضلا نرجوك لمهمات الأمور فينا لعلمك وعقلك وصدقك . . قبل أن تقول ما قلته ، أما الآن وبعد أن جئتنا بهذا الدين الجديد فقد خاب رجاؤنا فيك ، وصرت فى رأينا رجلا مختل التفكير .

فالإِشارة فى قوله { قَبْلَ هذا } إلى الكلام الذى خاطبهم به حين بعثه الله إليهم .

والاستفهام فى قولهم { أَتَنْهَانَآ أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا } للتعجيب والإِنكار .

أى : أجئتنا بدعوك الجديد لتنهانا عن عبادة الآلهة التى كان يعبدها آباؤنا من قبلنا ؟

لا ، إننا لن نستجيب لك ، وإنما نحن قد وجدنا آباءنا على دين وإننا على آثارهم نسير .

ثم ختموا ردهم عليه بقولهم : { وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ } .

ومريب : اسم فاعل من أراب . تقول : أربت فلانا فأنا أريبه ، إذا فعلت به فعلا يوجب لديه الريبة أى : القلق والاضطراب .

أى : لن نترك عبادة الأصنام التى كان يعبدها آباؤنا ، وإننا لفى شك كبير ، وريب عظيم من صحة ما تدعونا إليه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالُواْ يَٰصَٰلِحُ قَدۡ كُنتَ فِينَا مَرۡجُوّٗا قَبۡلَ هَٰذَآۖ أَتَنۡهَىٰنَآ أَن نَّعۡبُدَ مَا يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكّٖ مِّمَّا تَدۡعُونَآ إِلَيۡهِ مُرِيبٖ} (62)

يذكر تعالى ما كان من الكلام بين صالح ، عليه السلام ، وبين قومه ، وما كان عليه قومه من الجهل والعناد في قولهم : { قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا } أي : كنا نرجوك في عقلك قبل أن تقول ما قلت ! { أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا } وما كان عليه أسلافنا ، { وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ } أي : [ في ]{[14713]} شك كثير{[14714]} .


[14713]:- زيادة من ت ، أ.
[14714]:- في ت ، أ : "كبير".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالُواْ يَٰصَٰلِحُ قَدۡ كُنتَ فِينَا مَرۡجُوّٗا قَبۡلَ هَٰذَآۖ أَتَنۡهَىٰنَآ أَن نَّعۡبُدَ مَا يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكّٖ مِّمَّا تَدۡعُونَآ إِلَيۡهِ مُرِيبٖ} (62)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالُواْ يَصَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هََذَا أَتَنْهَانَآ أَن نّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنّنَا لَفِي شَكّ مّمّا تَدْعُونَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ } .

يقول تعالى ذكره : قالت ثمود لصالح نبيهم : يا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فينا مَرْجُوّا : أي كنا نرجو أن تكون فينا سيدا قَبْلَ هَذَا القول الذي قلته لنا من أنه مالنا من إله غير الله . أتَنْهانا أنْ نَعْبُد ما يَعْبُدُ آباؤُنا يقول : أتنهانا أن نعبد الاَلهة التي كانت آباؤنا تعبد ، وَإنّنا لَفِي شَكّ مِمّا تَدْعُونا إلَيْهِ مُرِيبٍ يعنون أنهم لا يعلمون صحة ما يدعوهم إليه من توحيد الله ، وأن الألوهة لا تكون إلا له خالصا . وقوله مُرِيبٍ أي يوجب التهمة من أَرَبْته فأنا أَرِيُبه إرابة ، إذا فعلت به فعلاً يوجب له الريبة ، ومنه قول الهُذَليّ :

كُنتُ إذا أتَوْتُهُ منْ غَيْبِ *** يَشُمّ عِطْفي وَيُبزّ ثَوْبِي

*** كأنما أرَبْتُهُ بِرَيْبِ ***