إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قَالُواْ يَٰصَٰلِحُ قَدۡ كُنتَ فِينَا مَرۡجُوّٗا قَبۡلَ هَٰذَآۖ أَتَنۡهَىٰنَآ أَن نَّعۡبُدَ مَا يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكّٖ مِّمَّا تَدۡعُونَآ إِلَيۡهِ مُرِيبٖ} (62)

{ قَالُوا يا صَالِحُ قد كُنتَ فينَا مَرْجُوّاً } أي كنا نرجو منك لِما كنا نرى منك من دلائل السَّداد ومخايلِ الرشاد أن تكون لنا سيداً ومستشاراً في الأمور . وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : فاضلاً خيّراً نقدّمك على جميعنا . وقيل : كنا نرجو أن تدخُلَ في ديننا وتوافقَنا على ما نحن عليه . { قَبْلَ هَذَا } الذي باشرتَه من الدعوة إلى التوحيد وتركِ عبادةِ الآلهة ، أو قبل هذا الوقتِ فكأنهم لم يكونوا إلى الآن على يأس من ذلك ولو بعد الدعوةِ إلى الحق فالآن قد انصرَم عنك رجاؤُنا . وقرأ طلحةُ مرجُوءاً بالمد والهمزة { أَتَنْهَانا أَن نَعْبُد مَا يَعبد آبَاؤنا } أي عبَدوه ، والعدولُ إلى صيغة المضارعِ لحكاية الحالِ الماضية { وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيهِ } من التوحيد وتركِ عبادةِ الأوثانِ وغيرِ ذلك من الاستغفار والتوبة { مُرِيبٍ } أي مُوقعٌ في الريبة ، مِنْ أرابه أي أوقعه في الريبة ، أي قلقِ النفسِ وانتفاءِ الطمُأنينة أو من أراب إذا كان ذا رِيبةٍ وأيَّهما كان فالإسنادُ مجازيٌّ والتنوينُ فيه وفي ( شك ) للتفخيم .