التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{كِلۡتَا ٱلۡجَنَّتَيۡنِ ءَاتَتۡ أُكُلَهَا وَلَمۡ تَظۡلِم مِّنۡهُ شَيۡـٔٗاۚ وَفَجَّرۡنَا خِلَٰلَهُمَا نَهَرٗا} (33)

ثم ذكر - سبحانه - ما يزيد من جودة الجنتين ، ومن غزارة خيرهما فقال : { كِلْتَا الجنتين آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً } وكلتا : اسم مفرد اللفظ مثنى المعنى عند البصريين ، وهو المذهب المشهور ، ومثنى لفظا ومعنى عند غيرهم .

أى : أن كل واحدة من الجنتين { آتت أكلها } أى : أعطت ثمارها التى يأكلها الناس من العنب والتمر وغيرهما من صنوف الزرع { وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئاً } أى ولم تنتقص من هذا المأكول شيئا فى سائر السنين ، بل كان أكل كل واحدة منهما وافيا كثيرا فى كل سنة ، على خلاف ما جرت به عادة البساتين ، فإنها فى الغالب تكثر ثمارها فى أحد الأعوام وتقل فى عام آخر .

وفى التعبير بكلمة { تظلم } بمعنى تنقص وتمنع ، مقابلة بديعة لحال صاحبهما الذى ظلم نفسه بجحوده لنعم الله - تعالى - واستكباره فى الأرض .

وقوله { وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً } أى : وشققنا فى وسطهما نهرا ليمدهما بما يحتاجان إليه من ماء بدون عناء وتعب .

فأنت ترى أن الله - تعالى - قد وصف هاتين الجنتين بما يدل على جمال منظرهما ، وغزارة عطائهما ، وكثرة خيراتهما ، واشتمالهما على ما يزيدهما بهجة ومنفعة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{كِلۡتَا ٱلۡجَنَّتَيۡنِ ءَاتَتۡ أُكُلَهَا وَلَمۡ تَظۡلِم مِّنۡهُ شَيۡـٔٗاۚ وَفَجَّرۡنَا خِلَٰلَهُمَا نَهَرٗا} (33)

أي : خرجت ثمرها { وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا } أي : ولم تنقص منه شيئًا { وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَرًا } أي : والأنهار تتخرق فيهما هاهنا وهاهنا .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{كِلۡتَا ٱلۡجَنَّتَيۡنِ ءَاتَتۡ أُكُلَهَا وَلَمۡ تَظۡلِم مِّنۡهُ شَيۡـٔٗاۚ وَفَجَّرۡنَا خِلَٰلَهُمَا نَهَرٗا} (33)

وقوله : كِلْتا الجَنّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها يقول : كلا البستانين أطعم ثمره وما فيه من الغروس من النخل والكرم وصنوف الزرع . وقال : كلتا الجنتين ، ثم قال : آتت ، فوحّد الخبر ، لأن كلتا لا يفرد واحدتها ، وأصله كلّ ، وقد تفرد العرب كلتا أحيانا ، ويذهبون بها وهي مفردة إلى التثنية قال بعض الرّجاز في ذلك :

فِي كِلْتَ رِجْلَيْها سُلاَمي وَاحدَه *** كِلْتاهُما مَقْرُونَةٌ بِزَائِدَهْ

يريد بكلت : كلتا ، وكذلك تفعل بكلتا وكلا وكل إذا أضيفت إلى معرفة ، وجاء الفعل بعدهن ويجمع ويوحد . وقوله : ولَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئا يقول : ولم تنقص من الأكل شيئا ، بل آتت ذلك تاما كاملاً ، ومنه قولهم : ظلم فلان فلانا حقّه : إذا بخَسَهُ ونقصه ، كما قال الشاعر :

تَظّلَمَنِي ما لي كَذَا وَلَوى يَدِي *** لَوَى يَدَهُ اللّهُ الّذِي هُوَ غالِبُهْ

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ولَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئا : أي لم تنقص منه شيئا .

وقوله : وَفَجّرْنا خِلاَلهُما نَهَرا يقول تعالى ذكره : وَسيّلنا خلال هذين البستانين نهرا ، يعني بينها وبين أشجارهما نهرا . وقيل : وفَجّرْنا فثقل الجيم منه ، لأن التفجير في النهر كله ، وذلك أنه يميد ماء فيُسيل بعضه بعضا .