التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞وَأَمَّا ٱلَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي ٱلۡجَنَّةِ خَٰلِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ إِلَّا مَا شَآءَ رَبُّكَۖ عَطَآءً غَيۡرَ مَجۡذُوذٖ} (108)

ثم ساق - سبحانه - بعد ذلك من الآيات ما فيه تسلية للنبى - صلى الله عليه وسلم - عما أصابه من قومه من أذى ، وما فيه تثبيت لقلوب المؤمنين ، وما فيه إرشاد لهم إلى ما يقربهم من الخير ، ويبعدهم عن الشر فقال - تعالى :

{ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ فَفِي . . . } .

قال الفخر الرازى : اعلم أنه - تعالى - لما شرح أقاصيص عبدة الأوثان ثم أتبعه بأحوال الأشقياء وأحوال السعداء

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞وَأَمَّا ٱلَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي ٱلۡجَنَّةِ خَٰلِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ إِلَّا مَا شَآءَ رَبُّكَۖ عَطَآءً غَيۡرَ مَجۡذُوذٖ} (108)

100

( وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ )

وزاد السياق في حالة الذين سعدوا ما يطمئنهم إلى أن مشيئة الله اقتضت أن يكون عطاؤه لهم غير مقطوع ، حتى على فرض تبديل إقامتهم في الجنة . وهو مطلق فرض يذكر لتقرير حرية المشيئة بعدما يوهم التقييد .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{۞وَأَمَّا ٱلَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي ٱلۡجَنَّةِ خَٰلِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ إِلَّا مَا شَآءَ رَبُّكَۖ عَطَآءً غَيۡرَ مَجۡذُوذٖ} (108)

أمّا الاستثناء الثاني الواقع في جانب { الذّين سعدوا } فيحتمل معنيين :

أحدهما أن يراد : إلاّ ما شاء ربك في أوّل أزمنة القيامة ، وهي المدّة التي يدخل فيها عصاة المؤمنين غير التّائبين في العذاب إلى أن يعفو الله عنهم بفضله بدون شفاعة ، أو بشفاعة كما في الصّحيح من حديث أنس : « يدخل ناسٌ جهنّم حتى إذا صاروا كالحُمَمَة أخرجوا وأدخلوا الجنّة فيقال : هؤلاء الجهنميون » .

ويحتمل أن يقصد منه التّحذير من توهّم استحقاق أحد ذلك النعيم حقاً على الله بل هو مظهر من مظاهر الفضل والرّحمة .

وليس يلزم من الاستثناء المُعلّق على المشيئة وقوع المشيئة بل إنّما يقتضي أنّها لو تعلّقت المشيئة لوقع المستثنى ، وقد دلّت الوعود الإلهية على أنّ الله لا يشاء إخراج أهل الجنة منها . وأيّاً ما كان فهم إذا أدخلوا الجنّة كانوا خالدين فيها فلا ينقطع عنهم نعيمها . وهو معنى قوله : { عطاء غير مجذوذ } .

والمجذوذ : المقطوع .

وقرأ الجمهور { سَعِدوا } بفتح السّين ، وقرأه حمزة ، والكسائي ، وحفص عن عاصم ، وخلف بضم السّين على أنّه مبني للنائب ، وإن كان أصل فعله قاصراً لا مفعول له ؛ لكنّه على معاملة القاصر معاملة المتعدّي في معنى فُعِل به ما صيّره صاحب ذلك الفعل ، كقولهم : جُنّ فلان ، إذا فُعل به ما صار به ذَا جنون ، ف { سُعِدوا } بمعنى أسعدوا . وقيل : سَعِد متعدّ في لغة هذيل وتميم ، يقولون : سَعِدَه اللّهُ بمعنى أسْعَدَهُ . وخُرّج أيضاً على أن أصله أسعدوا ، فحُذف همز الزيادة كما قالوا مجنُوب ( بموحدة في آخره ) ، ومنه قولهم : رجل مَسعود .