التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَن يُرۡسِلَ ٱلرِّيَاحَ مُبَشِّرَٰتٖ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحۡمَتِهِۦ وَلِتَجۡرِيَ ٱلۡفُلۡكُ بِأَمۡرِهِۦ وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (46)

ثم تعود السورة الكريمة إلى الحديث عن آيات الله - تعالى - الدالة على قدرته ، وعن مظاهر فضله على الناس ورحمته بهم ، وعن الموقف الجحودى الذى وقفه بعضهم من هذه النعم . . قال - تعالى - : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ . . . . فَهُمْ مُّسْلِمُونَ } .

قوله - سبحانه - : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرياح مُبَشِّرَاتٍ } بيان لأنواع أخرى من الظواهر الكونية الدالة على قدرته - عز وجل - .

أى : ومن الآيات والبراهين الدالة على وحدانية الله - تعالى - ونفاذ قدرته ، أنه - سبحانه - يرسل بمشيئته وإرادته الرياح ، لتكون بشارة بأن من ورائها أمطارا ، فيها الخير الكثير للناس .

قال الآلوسى : قوله : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرياح } أى : الجنوب ، ومهبها من مطلع سهيل إلى مطلع الثريا ، والصبا : ومهبها من مطلع الثريا إلى بنات نعش . والشمال : ومهبها من بنات نعش إلى مسقط النسر الطائر ، فإنها رياح الرحمة . أما الدبور ومهبها من مسقط النسر الطائر إلى مطلع سهيل ، فريح العذاب .

وقوله : { وَلِيُذِيقَكُمْ مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الفلك بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ . . } بيان للفوائد التى تعود على الناس من إرسال الرياح التى تعقبها الأمطار ، وهو متعلق بقوله { يُرْسِلَ } .

أى : يرسل الرياح مبشرات بالأمطار ويرسلها لمنحكم من رحمته الخصب والنماء لزرعكم ، وللتجرى الفلك عند هبوبها فى البحر بإذنه - تعالى - ولتبتغوا أرزاقكم من فضله - سبحانه - عن طريق الأسفار ، والانتقال من مكان إلى آخر ، ولكى تشكروا الله - تعالى - على هذه النعم : فإنكم إذا شكرتموه - سبحانه - على نعمه زادكم منها .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَن يُرۡسِلَ ٱلرِّيَاحَ مُبَشِّرَٰتٖ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحۡمَتِهِۦ وَلِتَجۡرِيَ ٱلۡفُلۡكُ بِأَمۡرِهِۦ وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (46)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرّيَاحَ مُبَشّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مّن رّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ومن أدلته على وحدانيته وحججه عليكم على أنه إله كلّ شيء أنْ يُرْسِلَ الرّياحَ مُبَشّراتٍ بالغيث والرحمة وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ يقول : ولينزّل عليكم من رحمته ، وهي الغيث الذي يحيي به البلاد ، ولتجري السفن في البحار بها بأمره إياها وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ يقول : ولتلتمسوا من أرزاقه ومعايشكم التي قسمها بينكم وَلَعلّكُمْ تَشْكُرُونَ يقول : ولتشكروا ربكم على ذلك أرسل هذه الرياح مبشرات . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد الرّياحَ مُبَشّراتٍ قال : بالمطر .

وقالوا في قوله : وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ مثل الذي قلنا فيه . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ قال : المطر .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة وَلِيُذِيقَكمْ مِنْ رَحْمَتِهِ : المطر .