فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَن يُرۡسِلَ ٱلرِّيَاحَ مُبَشِّرَٰتٖ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحۡمَتِهِۦ وَلِتَجۡرِيَ ٱلۡفُلۡكُ بِأَمۡرِهِۦ وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (46)

{ ومن آياته أن يرسل الرياح } أي : ومن دلالات بديع قدرته تعالى إرسال الرياح ، أي{[1363]} الشمال ، والصبا ، والجنوب ، فإنها رياح الرحمة ، وأما الدبور فهي ريح العذاب ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : " اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا " قرئ الرياح بالجمع والإفراد على قصد الجنس لأجل قوله لا { مبشرات } بالمطر لأنها تتقدمه ؛ كما في قوله سبحانه بشرا بين يدي رحمته .

{ وليذيقكم من رحمته } أي : يرسلها ليذيقكم بها الغيث والخصب أو نعمته من المياه العذبة ، والأشجار الرطبة ؛ وصحة الأبدان ، وما يتبع ذلك الأمور لا يحصيها إلا الله . وقيل : اللام متعلقة بمحذوف ، أي وأرسلها ليذيقكم ، وقبل : الواو مزيدة على رأي من يجوز ذلك فتتعلق اللام بيرسل و { من } تبعيضية .

{ و } يرسل الرياح { لتجري الفلك } في البحر عند هبوبها ، ولما أسند الجري إلى الفلك عقبه بقوله : { بأمره } أي : بتدبيره أو بتكوينه ، كقوله : إنما أمره إذا أراد شيئا الآية { ولتبتغوا } الرزق { من فضله } بالتجارة التي تحملها السفن { ولعلكم تشكرون } هذه النعم فتفردون الله بالعبادة ، وتستكثرون من الطاعة .


[1363]:الشمال ريح تخالف الجنوب والجنوب مهبها من مطلع سهيل إلى مطلع الثريا، والصبا ريح مهبها من مطلع الثريا إلى بنات نعش. المطيعي.