قوله : { ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات } لما ذكر ظهور الفساد والهلاك بسبب الشرك ذكر ظهور الصلاح ولم يذكر أنه سببب العمل الصالح لأن الكريم لا يذكر لإحسانه عوضَاً ويذكر لإضراره سبباً لئلا يتوهم ( بِهِ ){[42148]} الظلم فقال : { يُرْسِلُ الرياح مُبَشِّرَاتٍ } قيل : بالمطر{[42149]} كما قال تعالى : { بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } [ النمل : 63 ] ، أي قبل الفطرة{[42150]} ، وقيل مبشرات بصلاح الأَهْوِية والأحوال ؛ فإن الرياح لو لم تَهُبّ لظهر الوباء والفساد{[42151]} وقرأ العامة : «الرياح » جمعاً لأجل «مبشرات » ، والأعمش بالإفراد ، وأراد الجنس لأجل{[42152]} «مبشرات » .
قوله : «وَلِيُذِيقَكُمْ » إما عطف على معنى مبشرات لأن الحال والصفة يُفْهمان العلة فكان التقدير : «ليبشّر وليذيقكم »{[42153]} وإما أن يتعلق بمحذوف أي وليذيقكم أَرْسَلَها ، وإما أن يكون الواو مزيدة على رأي فتتعلق اللام بأن يرسل{[42154]} .
قوله : { وليذيقكم من رحمته } ( نعمته ){[42155]} بالمطر أو الخَصْب «وَلِتْجِرِيَ الفُلْكُ » لما أسند الفعل إلى الفلك عقبه بقوله «بأَمْرِهِ » أي الفعل ظاهر عليه ولكنه بأمر الله ، والمعنى في ولتجري الفلك في البحر بهذه الرياح بأمره وكذلك لما قال : «وَلتَبْتَعوا » مسنداً إلى العباد ذكر بعده «مِنْ ( فَضْلِهِ ) »{[42156]} .
أي لا استقلال لغيره بشيء ، والمعنى لتطلبوا من رزقه بالتجارة في البحر «ولعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ » هذه النعم .
فصل{[42157]} :
قال تعالى : «ظهر الفساد - ليذيقهم بعض الذي عملوا » ( وقال ههنا{[42158]} : «وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ » فخاطبهم ههنا تشريفاً ، ولأن رحمته قريب من المحسنين والمحسنين قريب فيخاطب والمسمّى مُبْعَد فلم يُخَاطَبْ وقال هناك : { بَعْضَ الذي عَمِلُواْ } فأضاف ما أصابهم إلى أنفسهم ، وأضاف ما أصاب المؤمن إلى رحمته فقال : «من رحمته » ؛ لأن الكريم لا يذكر لرحمته وإحسانه عوضاً فلا يقول أعطيتك لأنك فعلت كذا بل يقول هذا لك مني ، وأما ما فعلت من الحسنة فجزاؤه بعد عندي ، وأيضاً فلو قال : أرسلت بسبب فعلكم لا يكون بشارة عظيمة ، وأما إذا قال من رحمته كان{[42159]} غاية البشارة وأيضاً فلو قال : بما فعلتم لكان ذلك موهماً{[42160]} لنُقْصَان ثوابهم في الآخرة ، وأما في حق الكفار فإذا قال بما فعلتم إنما عن{[42161]} نُقْصَانِ عقابهم وهو كذلك وقال{[42162]} هناك : «لعلهم يَرْجِعُونَ » وقال ههنا : ولعلكم تشكرون ، قالوا وإشارة إلى توفيقهم للشكر في النعم فعطف على النعم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.