فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَن يُرۡسِلَ ٱلرِّيَاحَ مُبَشِّرَٰتٖ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحۡمَتِهِۦ وَلِتَجۡرِيَ ٱلۡفُلۡكُ بِأَمۡرِهِۦ وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (46)

{ وَمِنْ ءاياته أَن يُرْسِلَ الرياح مبشرات } أي ومن دلالات بديع قدرته إرسال الرياح مبشرات بالمطر ؛ لأنها تتقدّمه كما في قوله سبحانه : { بُشْرًاَ بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } [ النمل : 63 ] قرأ الجمهور : { الرياح } وقرأ الأعمش : " الريح " بالإفراد على قصد الجنس لأجل قوله { مبشرات } ، واللام في قوله : { وَلِيُذِيقَكُمْ مّن رَّحْمَتِهِ } متعلقة ب { يرسل } ، أي يرسل الرياح مبشرات ويرسلها ليذيقكم من رحمته ، يعني : الغيث والخصب . وقيل هو متعلق بمحذوف ، أي وليذيقكم أرسلها . وقيل : الواو مزيدة على رأي من يجوز ذلك ، فتتعلق اللام ب{ يرسل } { وَلِتَجْرِيَ الفلك بِأَمْرِهِ } معطوف على { ليذيقكم من رحمته } أي يرسل الرياح لتجري الفلك في البحر عند هبوبها ، ولما أسند الجري إلى الفلك عقبه بقوله { بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } أي تبتغوا الرزق بالتجارة التي تحملها السفن { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } هذه النعم فتفردون الله بالعبادة ، وتستكثرون من الطاعة .

/خ46