ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة ببشارة النبى صلى الله عليه وسلم ، وبتثبيت قلبه ، وبأمره بالمضى فى تبليغ رسالة ربه بدون خوف أو وجل . . . فقال - تعالى - : { إِنَّ الذي فَرَضَ . . . } .
قال القرطبى : قوله - تعالى - : { إِنَّ الذي فَرَضَ عَلَيْكَ القرآن لَرَآدُّكَ إلى مَعَادٍ . . } . ختم - سبحانه - السورة ببشارة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم برده إلى مكة قاهرا لأعدائه . وقيل : هو بشارة له بالجنة . والأول أكثر . وهو قول جابر بن عبد الله ، وابن عباس ، ومجاهد ، وغيرهم .
قال القتبى : معاد الرجل بلده ، لأنه ينصرف عنه ثم يعود إليه . . وقيل إلى معاد . أى : إلى الموت .
قال الآلوسى : وقد يقال : أطلق - سبحانه - المعاد على مكة ، لأن العرب كانت تعود إليها فى كل سنة ، لمكان البيت فيها ، وهذا وعد منه - عز وجل - لنبيه صلى الله عليه وسلم وهو بمكة أنه - عليه الصلاة والسلام - يهاجر منها ثم يعود إليها . وروى عن غير واحد أن الآية نزلت بالجحفة بعد أن خرج صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجرا واشتاق إليها ، ووجه ارتباطها بما تقدمها : تضمنها الوعد بالعاقبة الحسنى فى الدنيا ، كما تضمن ما قبلها الوعد بالعاقبة الحسنى فى الآخرة .
والمعنى : { إِنَّ الذي فَرَضَ عَلَيْكَ القرآن } - أيها الرسول الكريم - ، بأن أنزله إليك ، وكلفك بحفظه وتلاوته على الناس ، والعمل بأوامره ونواهيه .
{ لَرَآدُّكَ إلى مَعَادٍ } أى : لرادك إلى المكان الذى أنت فيه وهو مكة ، بعد أن تهاجر منه .
تعود إليه ظاهرا منتصرا ، بعد أن خرجت منه وأنت مطارد من أعدائك .
تعود إليه ومعك الآلاف من أتباعك بعد أن خرجت منه وليس معك سوى صاحبك أبى بكر الصديق - رضى الله عنه - .
وقد حقق الله - تعالى - هذا الوعد لنبيه صلى الله عليه وسلم فقد عاد الرسول إلى مكة ومعه أصحابه المؤمنون ، بعد سنوات قليلة من هجرتهم منها .
قال صاحب الكشاف : " ووجه تنكيره - أى لفظ المعاد - أنها كانت فى ذلك اليوم معادا له شأن ، ومرجعا له اعتداد ، لغلبة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها ، وقهره لأهلها ، لظهور عز الإسلام وأهله ، وذل الشرك وحزبه .
ثم أرشد - سبحانه - نبيه إلى ما يرد به على دعاوة المشركين فقال : { قُل ربي أَعْلَمُ مَن جَآءَ بالهدى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } .
أى : قل - أيها الرسول الكريم - لمن خالفك وكذبك ، ربى وحده هو الأعلم بالمهتدى وبالضال منى ومنكم ، وسيجازى كل فريق بما يستحقه ، وستعلمون - أيها المشركون - لمن عقبى الدار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.