التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{قُلۡ أَفَغَيۡرَ ٱللَّهِ تَأۡمُرُوٓنِّيٓ أَعۡبُدُ أَيُّهَا ٱلۡجَٰهِلُونَ} (64)

ثم أمر الله - تعالى - رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوبخ الكافرين على جهالاتهم . فقال : { قُلْ أَفَغَيْرَ الله تأمروني أَعْبُدُ أَيُّهَا الجاهلون } .

وقد ذكروا فى سبب نزولها أن المشركين قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم استلم بعض آلهتنا ونؤمن بإلهك .

والاستفهام للإِنكار والتوبيخ ، والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام ، و " غير " منصوب بقوله : { أَعْبُدُ } ، وأعبد معمول لتأمرونى على تقدير أن المصدرية ، فلما حذفت بطل عملها .

والمعنى : قل - أيها الرسول الكريم - لهؤلاء المشركين على سبيل التوبيخ والتأنيب : أبعد أن شاهدتهم ما شاهدتم من الآيات الدالة على وحدانية الله - تعالى - ، وعلى صدقى فيما أبلغه عنه ، أبعد كل ذلك تأمرونى أن أعبد غير الله - تعالى - أيها الجاهلون بكل ما يجب لله - تعالى - من تنزيه وتقديس .

ووصفهم هنا بالجهل ، لأن هذا الوصف هو الوصف المناسب للرد على ما طلبوه منه صلى الله عليه وسلم من إشراك آلهتهم فى العبادة .