جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{قُلۡ أَفَغَيۡرَ ٱللَّهِ تَأۡمُرُوٓنِّيٓ أَعۡبُدُ أَيُّهَا ٱلۡجَٰهِلُونَ} (64)

القول في تأويل قوله تعالى : { قُلْ أَفَغَيْرَ اللّهِ تَأْمُرُونّيَ أَعْبُدُ أَيّهَا الْجَاهِلُونَ * وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه : قل يا محمد لمشركي قومك ، الداعيك إلى عبادة الأوثان : أفَغَيرَ اللّهِ أيها الجاهلون بالله تَأْمُرُونّي أن أعْبُدُ ولا تصلح العبادة لشيء سواه .

واختلف أهل العربية في العامل ، في قوله أفَغَيْرَ النصب ، فقال بعض نحويي البصرة : قل أفغير الله تأمروني ، يقول : أفغير الله أعبد تأمروني ، كأنه أراد الإلغاء ، والله أعلم ، كما تقول : ذهب فلأن يدري ، جعله على معنى : فما يدري . وقال بعض نحويي الكوفة : «غير » منتصبة بأعبد ، وأن تحذف وتدخل ، لأنها علم للاستقبال ، كما تقول : أريد أن أضرب ، وأريد أضرب ، وعسى أن أضرب ، وعسى أضرب ، فكانت في طلبها الاستقبال ، كقولك : زيدا سوف أضرب ، فلذلك حُذفت وعمل ما بعدها فيما قبلها ، ولا حاجة بنا إلى اللغو .