تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلۡ أَفَغَيۡرَ ٱللَّهِ تَأۡمُرُوٓنِّيٓ أَعۡبُدُ أَيُّهَا ٱلۡجَٰهِلُونَ} (64)

الآية 64 وقوله تعالى : { قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ } دلت هذه الآية على أن سفه أولئك الكفرة قد بلغ غايته ، وجاوز حدّه ، حتى دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبادة من دونه بعد ما عرفوا فضيلة الرسالة في البشر وبعث البشر رسولا . فلولا ما وقع عندهم من الفضيلة للرسول والخصوصية له ، وإلا لم يُحتمل أن ينكروا وضعها في البشر وبعث البشر رسولا .

ثم قد أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من البيان والحجج ما قد قرّر{[18055]} عندهم آية الرسول إليهم .

فمع ما تقرّر عندهم ذلك دعوه إلى أن يعبد غير الله دونه ، فيكون لهم . فهذا منهم تناقض في القول وسفهٌ حين صيّروا المُفضَّل والمخصوص بالرسالة في العبادة من دونه كغير المفضّل والمخصوص بها ، والله أعلم ، ليُعلَم أنهم لسفههم ونعنّتهم كانوا يدعونه إلى عبادة من [ هو ]{[18056]} دون الله ، والله أعلم .

وقوله عز وجل : { أيها الجاهلون } سماهم جهلة بما أمروه ، ودعوه إلى عبادة غير الله . وكذلك قال موسى عليه السلام /472 – ب/ لقومه حين سألوا موسى أن يجعل لهم إلها كما لهم آلهة : { إنكم قوم تجهلون } [ الأعراف : 138 ] .

ثم يحتمل قوله عز وجل : { أيها الجاهلون } وجوها :

أحدها : { أيها الجاهلون } في التسوية بين المفضّل والمخصوص [ بالرسالة وبين من لم ]{[18057]} يخص بذلك في عبادة غير الله .

[ والثاني ]{[18058]} : { أيها الجاهلون } عن هداية الله وخصوصيته .

[ والثالث ]{[18059]} : { أيها الجاهلون } عن جميع نعمه وإحسانه حين{[18060]} لم يذكروه فيها ، والله أعلم .


[18055]:في الأصل وم: قدر.
[18056]:ساقطة من الأصل وم.
[18057]:في الأصل: وبين، في م: وبين من لم.
[18058]:في الأصل وم: أو.
[18059]:في الأصل وم: أو.
[18060]:في الأصل وم: حيث.