التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{مَن جَآءَ بِٱلۡحَسَنَةِ فَلَهُۥ عَشۡرُ أَمۡثَالِهَاۖ وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلَا يُجۡزَىٰٓ إِلَّا مِثۡلَهَا وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (160)

ثم بين - سبحانه - لطفه فى حكمه ، وفضله على عباده ، بمناسبة الحديث عن الجزاء فقال : { مَن جَآءَ بالحسنة فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } .

أى : من جاء يوم القيامة بالأعمال الحسنة . فله عشر حسنات أمثالها فى الحسن ، فضلا من الله - تعالى - وكرماً .

قال بعضهم : وذلك - ولله المثل الأعلى - كمن أهدى إلى سلطان عنقود عنب يعطيه بما يليق بسلطنته لا قيمة العنقود . والعشر أقل ما وعد من الأصناف ، وقد جاء الوعد بسبعين وبسبعمائة وبغير حساب ، ولذلك قيل : المراد بذكر العشر بيان الكثرة لا الحصر فى العدد الخاص .

{ وَمَن جَآءَ بالسيئة } أى : بالأعمال السيئة { فَلاَ يجزى إِلاَّ مِثْلَهَا } أى : فلا يجزى بحكم الوعد إلا بمثلها فى العقوبة واحدة بواحدة { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } بنقص الثواب وزيادة العقاب . فإن ربك لا يظلم أحدا .

وقد ورت أحاديث كثيرة فى معنى الآية منها ما رواه الشيخان عن أى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يقول الله - تعالى - : إذا أراد عبدى أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها فإن عملها فاكتبوها بمثلها . وإن تركها من أجلى فاكتبوها له حسنة ، وإذا أراد أن يعمل حسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة . فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها إلى سبعمائة " .