الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{مَن جَآءَ بِٱلۡحَسَنَةِ فَلَهُۥ عَشۡرُ أَمۡثَالِهَاۖ وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلَا يُجۡزَىٰٓ إِلَّا مِثۡلَهَا وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (160)

{ مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ } يعني التوحيد : لا إله إلاّ أنت { فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } قرأ الحسن وسعيد بن جبير . ويعقوب عشر [ منون ] أمثالها رفع على معنى فله حسنات عشر أمثالها ، وقرأ الباقون بالإضافة على معنى : فله عشر حسنات أمثالها ، وإنما لم يقل عشرة والمثل مذكر فأنث العدد لأنه مضاف إلى مؤنث فرده إلى الحسنة والدرجة { وَمَن جَآءَ بِالسَّيِّئَةِ } في الشرك { فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا } النار { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } وقيل : هو عام في جميع الحسنات والسيّئات .

روى [ المقدوس ] بن يزيد عن أبي ذر : قال : حدّثني الصادق المصدّق أنَّ الله عزّ وجلّ قال : " الحسنة عشر أو أزيد والسيئة واحدة أو أغفرها فالويل لمن غلبت آحاده أعشاره ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة ثمّ لا يشرك بي شيئاً جعلت له مثلها مغفرة " .

قال ابن عمر وابن عباس : هذه الآية في الأحزاب وأهل البدو ، قيل : فما لأهل القرى قال :

{ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً } [ النساء : 40 ] وأقلها سبعمائة ضعف ، وقال قتادة : في هذه الآية ذكر لنا أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الأعمال ستة فموجبة وموجبة مضاعفة ومثل وبمثل فأمّا الموجبتان فمن لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنّة ومَنْ لقي الله يُشرك به دخل النار ، فأمّا المضاعفتان فنفقة الرجل على أهله عشر بعشر أمثالها ونفقة الرجل في سبيل الله سبعمائة ضعف ، وأمّا مثل بمثل فإنّ العبد إذا همَّ بحسنة ثمّ لم يعملها كُتبت واحدة وإذا عملها كُتبت [ عشرة ] " .

وعن سفيان الثوري " لمّا نزلت { مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } قال النبيّ صلى الله عليه وسلم " ربّي زدني " فنزلت { مَّثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ } [ البقرة : 261 ] الآية قال : يا رب زدني فنزلت { مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً } [ البقرة : 245 ] ، قال : ربّ زدني ؟ فنزلت : { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَاب } [ الزمر : 10 ] " .