{ مَن جَاء بالحسنة فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } يعني : من جاء بالإيمان بشهادة أن لا إله إلا الله فله بكل عمل عمله في الدنيا من الخير عشرة أمثاله من الثواب . { وَمَن جَاء بالسيئة } يعني : بالشرك { فَلاَ يجزى إِلاَّ مِثْلَهَا } وهو الخلود في النار ، لأن الشرك أعظم الذنوب والنار أعظم العقوبة . فذلك قوله : { جَزَاءً وفاقا } [ النبإ : 26 ] يعني : جزاءً وافق العمل . ويقرأ فله { عشر } بالتنوين { أمثالُها } بضم اللام فتكون الأمثال صفة للعشر ، وهي قراءة شاذة قرأها الحسن البصري ويعقوب الحضرمي والقراءة المعروفة { عشر أمثالها } على معنى الإضافة ، وتكلموا في المثل . قال بعضهم إذا عمل عملاً يعطى في الآخرة ثواب عشرة . ويقال : وإنه يكتب للواحدة عشرة . وروى أبو أمامة الباهلي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « إنَّ صَاحِبَ اليَمِينِ أمِيرٌ عَلَى صَاحِبِ الشِّمالِ . وَإذا عَمِلَ العَبْدُ حَسَنَةً كُتِبَ لَهُ عَشَرَة أمْثَالِهَا . وإذَا عَمِلَ سَيِّئَةً فَأرَادَ صَاحِبُ الشِّمَالِ أنْ يَكْتُبَهَا قَالَ لَهُ صَاحِبُ اليَمِينِ : أَمْسِكْهَا فَيُمْسِكُ سِتَّ سَاعَاتٍ أوْ سَبْعَ سَاعَاتٍ . فإنِ اسْتَغْفَرَ لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإنْ لَمْ يَسْتَغْفِرْ كُتِبَ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ وَاحِدَةٌ » ويقال : إن الله تعالى قد وعدّ للواحدة عشراً فهو أعرف بكيفيته . فإن قيل : ذكر هاهنا للواحدة عشر وذكر في آية أُخرى سبعمائة وفي آية أُخرى أضعافاً مضاعفة ، قيل له : قد تكلم أهل العلم في ذلك . قال بعضهم : يكون للعوام عشرة والخواص سبعمائة وأكثر إلى ما لا يحصى . وقال بعضهم : العشرة اشترط لسائر الحسنات ، والسبعمائة للتفقه في سبيل الله فالخاص والعام فيه سواء .
وقد جاء في الأثر ما يؤكد القولين فقد روى عطية عن ابن عمر قال : نزلت هذه الآية في الأعراب { مَن جَاء بالحسنة فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } قال رجل ما للمهاجرين يا أَبا عبد الرحمن ؟ قال : هو أفضل من ذلك { إِنَّ الله لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يضاعفها وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً } [ النساء : 40 ] وإذا قال الله لشيء عظيماً فهو عظيم .
وروى همام عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « إذا أَحْسَنَ أَحَدُكُمْ إسْلاَمَهُ فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا يُكْتَبُ لَهُ عَشْرُ أَمْثَالِها إِلى سَبْعِمائَةِ ضِعْفٍ . وَكُلُّ سَيِّئَةٍ يَعْمَلُها يُكْتَبُ لَهُ بِمِثْلِها حَتَّى يَلْقَى الله بِلا ذَنْبٍ »
وروى ابن فاتك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الأَعْمَالُ سِتَّةٌ فَمُوجِبَتَانِ ، وَمِثْلٌ بِمِثْلٍ ، وَحَسَنَةٌ بِحَسَنَةٍ ، وَحَسَنَةٌ بِعَشْرٍ ، وَحَسَنَةٌ بِسَبْعِمائَةٍ . فَأَمَّا المُوجِبَتَانِ فَمَنْ مَات وَلَمْ يُشْرِكْ بالله شَيْئاً دَخَلَ الجَنَّةِ وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بالله دَخَلَ النَّارَ . وَأَمَّا مِثْلٌ بِمِثْلٍ فَمَنْ عَمِلَ سَيِّئَةٍ فَجَزَاءٌ سَيِّئَةٍ مِثْلُهَا . وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ حَتَّى تَشْتَهِيَ بِهَا نَفْسُهُ وَيَعْلَمَهَا الله مِنْ قَلْبِهِ كُتِبَ لَهُ حَسَنَة . وَأَمَّا حَسَنَةٌ بِعَشْرٍ فَمَنْ عَمِلَ حَسَنَةً فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِها . وَأَمَّا حَسَنَةٌ بِسَبْعِمائَةٍ فَالنَّفَقَةُ فِي سَبِيلِ الله » ثم قال : « { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } » يعني : لا ينقصون من ثواب أعمالهم شيئاً ولا يزادون على سيئاتهم شيئاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.