الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{مَن جَآءَ بِٱلۡحَسَنَةِ فَلَهُۥ عَشۡرُ أَمۡثَالِهَاۖ وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلَا يُجۡزَىٰٓ إِلَّا مِثۡلَهَا وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (160)

قوله : { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها } ( الآية ){[22703]} [ 161 ] .

المعنى : من جاء يوم القيامة من هؤلاء الذين فارقوا{[22704]} دينهم بالتوبة عماهم عليه ، فله – من الجزاء – عشرة أضعاف ما يجب له ، { ومن جاء بالسيئة } أي : ( و ){[22705]} من وافى{[22706]} يوم القيامة – وهو مقيم على مفارقة{[22707]} دينه – فلا يجزى إلا مثل عمله{[22708]} { وهم لا يظلمون } ، وليس معنى{[22709]} { فله{[22710]} عشر أمثالها } : ( عشر أمثال التوبة ) ، إنما المعنى : فله ثواب عشر أمثالها{[22711]} .

وقيل : المعنى : ( فله عشر حسنات أمثالها ){[22712]} ، أي : أمثال الحسنات العشر التي{[22713]} حسنة العامل موازنة{[22714]} لها{[22715]} ، فالهاء في { أمثالها } ترجع على الحسنات المحذوفة ، وفي حذف الهاء من عشر{[22716]} دليل على أن المعنى : فله عشر حسنات أمثال ( حسنة ){[22717]} ، وهو من باب حذف المنعوت وإقامة{[22718]} النعت مقامه إن قدرت الانفصال في ( أمثالها ) ، أي : ( أمثال لها ) ، وإن لم تقدر الانفصال ، فهو من باب حذف المبدل منه وإقامة{[22719]} البدل مقامه{[22720]} .

وقرأ الحسن : ( عَشْرٌ ) منون ، ( مثالُها ) بالرفع{[22721]} على الصفة للعشر{[22722]} . وهي قراءة عيسى بن عمر{[22723]} ويعقوب{[22724]} .

ولكن{[22725]} حذف الهاء من ( عشر ) للحمل على المعنى ، لأن المراد : عشر حسنات{[22726]} . وقيل : الهاء تعود على الحسنة المذكورة{[22727]} .

والمثل المجازى به{[22728]} على الحسنة ، هو معروف عند الله ، لكنه تعالى يجاريه{[22729]} على حسنته{[22730]} ( عشرة أمثال ){[22731]} ذلك القدر – الذي هو معلوم عنده – جزاء على الحسنة فإنما يقع التضعيف على قدر معلوم عنده يجازي{[22732]} به على حسنة ( حسنةً ){[22733]} واحدة{[22734]} .

وقال سفيان وغيره : الحسنة هنا : لا إله إلا الله ، والسيئة : الشرك ، وهو قول مجاهد والقاسم وابن عباس والضحاك والحسن{[22735]} .

وروى قتادة أن النبي عليه السلام كان يقول : " الأعمال ستة{[22736]} : موجبة{[22737]} وموجبة{[22738]} ، ومضْعِفََة ( ومضْعفِة ){[22739]} ومثل ( ومِثْلٌ ){[22740]} ، فأما الموجبة{[22741]} والموجبة{[22742]} : فمن لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة من لقي الله يشرك به شيئا دخل النار /{[22743]} وأما المُضْعِفة ( والمُضْعفة ){[22744]} : فنفقة الرجل المؤمن في سبيل الله سبع مائة ضعف ، ونفقته على أهل بيته{[22745]} عشر أمثالها . وأما مثل ( ومثل ){[22746]} : فإذا همَّ العبد بالحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ( واحدة ){[22747]} ، وإذا هم بسيئة فعملها{[22748]} كتبت عليه سيئة{[22749]} " .

وقال أبو سعيد الخدري : هذه الآية للأعراب ، وللمهاجرين{[22750]} سبع مائة ضعف{[22751]} وقال ابن عمر : هذا للإعراب ، وللمهاجرين{[22752]} ما هو أعظم من ذلك{[22753]} .

قال{[22754]} : الربيع{[22755]} : كانوا يصومون ثلاثة أيام من كل شهر ، ويؤدون عُشر أموالهم فنزلت هذه الآية ، ثم نزلت الفرائض – بعد – بصوم{[22756]} ( رمضان ){[22757]} والزكاة{[22758]} .


[22703]:ساقطة من أ.
[22704]:ب د: فرقوا.
[22705]:ساقطة من ب.
[22706]:د: وفى.
[22707]:ب: مفارقته.
[22708]:ب د: ما عمل.
[22709]:د: معناه.
[22710]:ب: فيه.
[22711]:انظر: تفسير الطبري 12/274، 275.
[22712]:معاني الفراء 1/366، وتفسير الطبري – وفيه: (فالأمثال) حلت محل المفسر أي: المميز – 12/281، ومعاني الزجاج 2/309، وإعراب النحاس 1/595، وانظر: إعراب ابن الأنباري 1/350، و351، وإعراب العكبري 552.
[22713]:ب د: إلى.
[22714]:ب: موازنه.
[22715]:ب د: لها العشر.
[22716]:ساقطة من ب د: ولفظه (عشر) مصححة في هامش (أ) ومخرومة إلا حرف العين منها.
[22717]:أ: حسنته، وانظر: معاني الأخفش 510، وتفسير الطبري 12/381، وإعراب مكي 278.
[22718]:ب: إقامة. د: إقامت.
[22719]:د: إقامت.
[22720]:انظر : حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه في الكتاب 2/75، و115، 345، وانظر: حجة ابن خالويه 153، وإعراب ابن الأنباري 1/350، 351، وإعراب العكبري 552، وأحكام القرطبي 7/150، وفي التفسير الكبير 14/8: ويقوي هذا قراءة من قرأ: {عشر أمثالها} بالرفع والتنوين.
[22721]:(وذلك وجه صحيح في العربية، غير أن القرأة في الأمصار على خلافها) تفسير الطبري 12/281.
[22722]:د: للعشرين ولم يذكر الفراء في معانيه قارئها 1/366، 367، وردها الأخفش في معانيه 510، وهي قراءة الحسن وابن جبير والأعمش في إعراب النحاس 1/595،وعزاها ابن خالويه في مختصره إلى الحسن 41، وفي إعراب مكي 278 كما في إعراب النحاس.
[22723]:د: يعمر.
[22724]:عزاها الأصبهاني في مبسوطه 205 إلى يعقوب والحسن غيره، وزاد في المحرر 6/190 أنها قراءة ابن جبير والأعمش، وكذا في أحكام القرطبي 7/151.
[22725]:ب د: يكون.
[22726]:انظر: تفسير الطبري 12/281، وإعراب ابن الأنباري 1/351، وإعراب العكبري 552، والمحرر 6/190.
[22727]:انظر: تفسير البحر 4/261.
[22728]:ب :له.
[22729]:ب د: مجازيه.
[22730]:الظاهر من الخرم في (أ) أنها كما أثبت. ب د : حسنة.
[22731]:ب د: عشر.
[22732]:د: يجري.
[22733]:ساقطة من ب د.
[22734]:انظر: معاني الزجاج 2/310، والتفسير الكبير 14/9.
[22735]:وهو قول ابن جبير وابن كعب وابن مسعود وإبراهيم وعطاء، أيضا في تفسير الطبري 12/276 وما بعدها، وقول الفراء في معانيه 1/367، وحكي الزجاج إجماع المفسرين على هذا المعنى في معانيه 2/310.
[22736]:ب: سنة.
[22737]:د موحبة.
[22738]:د: مرجية.
[22739]:ساقطة من ب.
[22740]:ساقطة من بد.
[22741]:د: الموحبة
[22742]:د: المرجبة.
[22743]:جلها مطموس مع بعض الخرم.
[22744]:ساقطة من ب.
[22745]:ب: بثبه.
[22746]:ب: بمثل. ساقطة من د.
[22747]:ساقطة من ب.
[22748]:الظاهر من الطمس في (أ) أنها كما أثبت. ب د: ثم عملها.
[22749]:انظر: تفسير الطبري 12/279 باختلاف يسير.
[22750]:ب د: للمهاجرات.
[22751]:انظر: تفسير الطبري 12/280.
[22752]:ب: للمهاجرين.
[22753]:انظر: تفسير الطبري 12/280.
[22754]:ب د: وقال.
[22755]:هو أبو حاتم البكري الربيع بن أنس البكري البصري التابعي، مذوق كله له أوهام، كما قاله ابن حجر، رمي بالتشيع توفي 40 هـ. انظر: التقريب 1/243.
[22756]:ب: يصوم.
[22757]:ساقطة من د.
[22758]:انظر: تفسير الطبري 12/280.