قوله : { مَن جَاء بالحسنة فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } لما توعد سبحانه المخالفين له بما توعد ، بين عقب ذلك مقدار جزاء العاملين بما أمرهم به الممتثلين لما شرعه لهم ، بأن من جاء بحسنة واحدة من الحسنات فله من الجزاء عشر حسنات ، والتقدير : فله عشر حسنات أمثالها ، فأقيمت الصفة مقام الموصوف . قال أبو علي الفارسي : حسن التأنيث في عشر أمثالها ، لما كان الأمثال مضافاً إلى مؤنث ، نحو ذهبت بعض أصابعه . وقرأ الحسن وسعيد بن جبير والأعمش { فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } برفعهما .
وقد ثبت هذا التضعيف في السنة بأحاديث كثيرة ، وهذا التضعيف هو أقلّ ما يستحقه عامل الحسنة . وقد وردت الزيادة على هذا عموماً وخصوصاً ، ففي القرآن كقوله : { كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ } . وورد في بعض الحسنات ، أن فاعلها يجازى عليها بغير حساب ، وورد في السنة المطهرة تضعيف الجزاء إلى ألوف مؤلفة .
وقد قدمنا تحقيق هذا في موضعين من هذا التفسير ، فليرجع إليهما .
{ وَمَن جَاء بالسيئة } من الأعمال السيئة { فَلا يُجْزي إِلاَّ مِثْلَهَا } من دون زيادة عليها على قدرها في الخفة والعظم ، فالمشرك يجازى على سيئة الشرك بخلوده في النار ، وفاعل المعصية من المسلمين يجازى عليها بمثلها ، مما ورد تقديره من العقوبات ، كما ورد بذلك كثير من الأحاديث المصرّحة بأن من عمل كذا فعليه كذا ، وما لم يرد لعقوبته تقدير من الذنوب ، فعلينا أن نقول يجازيه الله بمثله ، وإن لم نقف على حقيقة ما يجازى به ، وهذا إن لم يتب ، أما إذا تاب و غلبت حسناته سيئاته ، أو تغمده الله برحمته ، وتفضل عليه بمغفرته ، فلا مجازاة ، وأدلة الكتاب والسنة مصرّحة بهذا تصريحاً لا يبقى بعده ريب لمرتاب ، { وَهُمْ } أي من جاء بالحسنة ومن جاء بالسيئة { لاَ يُظْلَمُونَ } بنقص ثواب حسنات المحسنين ، ولا بزيادة عقوبات المسيئين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.