قوله تعالى : { فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } : إنما ذكَّر العددَ والمعدودُ مذكَّر لأوجه منها : أنَّ الإِضافة لها تأثيرٌ كما تقدَّم غيرَ مرة فاكتسب المذكر من المؤنث التأنيث فأُعطي حكمَ المؤنث من سقوط التاء من عدده ؛ ولذلك يؤنث فعلُه حالةَ إضافتهِ لمؤنث نحو : { تَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ } [ يوسف : 10 ] ، [ وقوله ] :
. . . . . . . . . . . . . . . . *** كما شَرِقت صدرُ القَنَاةِ . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** تسفَّهت أعاليَها مرُّ الرياح . . .
إلى غير ذلك مما تقدم تحقيقه . ومنها : أن هذا المذكر عبارة عن مؤنث ، فروعي المراد دون اللفظ وعليه قوله :
وإنَّ كلاباً هذه عشرُ أَبْطُنٍ *** وأنت بريء من قبائلها العشرِ
لم يُلْحِق التاء في عدد أبطن وهي مذكرة لأنها عبارة عن مؤنث وهي القبائل فكأنه قيل : وإن كلاباً هذه عشر قبائل ، ومثله قول عمر ابن أبي ربيعة :
وكان مِجَنِّي دونَ مَنْ كنت أتَّقي *** ثلاثُ شُخوصٍ كاعبانِ ومُعْصِرُ
لم يُلحِق التاء في عدد " شخوص " وهي مذكرة لَمَّا كانت عبارة عن النسوة ، وهذا أحسنُ مما قبله للتصريح بالمؤنث في قوله : كاعبان ومعصر ، وهذا كما أنه إذا أريد بلفظ مؤنث معنى مذكر فإنهم ينظرون إلى المراد دون اللفظ فيُلْحقون التاء في عدد المؤنث ، ومنه قول الشاعر :
ثلاثةُ أنفسٍ وثلاثُ ذُوْدٍ *** لقد جار الزمانُ على عِيالي
فألحق التاءَ في عدد " أنفس " وهي مؤنثة لأنها يراد بها ذكور ، ومثله :
{ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً } [ الأعراف : 160 ] في أحد الوجهين وسيأتي إن شاء الله في موضعه .
ومنها : أنه راعى الموصوف المحذوف والتقدير : فله عشرُ حسناتٍ أمثالها ، ثم حذف الموصوف وأقام صفته مُقامَه تاركاً العدد على حاله ، ومثله " مررت بثلاثة نسابات " ألحقت التاء في عدد المؤنث مراعاةً للموصوف المحذوف ، إذ الأصل : بثلاثة رجال نسابات . وقال أبو علي : " اجتمع ههنا أمران كلُّ منهما يوجب التأنيث ، فلمَّا اجتمعا قوي التأنيث ، أحدهما : أن الأمثالَ في المعنى " حسنات " فجاز التأنيثُ كقوله :
. . . . . . . . . . . . . . . . . . *** ثلاثُ شخوصٍ كاعبان ومعصر
أراد بالشخوص النساء ، الآخر : أن المضاف إلى المؤنث قد يؤنَّث وإن كان مذكراً كقول من قال : " قُطِعَتْ بعض أصابعه " { يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ } [ يوسف : 10 ] .
وقرأ يعقوب والحسن وسعيد بن جبير والأعمش وعيسى بن عمر بالتنوين " أمثالُها " بالرفع صفة لعشر أي : فله عشر حسنات أمثال تلك الحسنة ، وهذه القراءة سالمةٌ من تلك التآويل المذكورة في القراءة المشهورة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.