وفي الآية حث على أن كلمة المسلمين يجب أن تكون واحدة ليستأهلوا الثواب الجزيل كما قال : { من جاء بالحسنة } هي لا إله إلا الله والسيئة الشرك . والأولى حملها على العموم { فله عشر أمثالها } أقام صفة الجنس المميز مقام الموصوف تقديره : عشر حسنات أمثالها كقراءة من قرأ { عشر أمثالها } بالرفع والتنوين ، قيل : هذا أقل الموعود وقد وعد سبعمائة وبغير حساب . وقيل : ليس المراد التحديد بل أراد الأضعاف مطلقاً كقول القائل : لئن أسديت إليّ معروفاً لأكافئنك بعشرة أمثاله . وفي الوعيد لئن كلمتني واحدة لأكلمنك عشراً . روى أبو ذر أن النبي صلى الله عليه وآله قال عن الله تعالى : «الحسنة عشر أو أزيد والسيئة واحدة أو أغفر فالويل لمن غلبت آحاده أعشاره » وقال صلى الله عليه وآله يقول الله تعالى : «إذا هم عبدي بحسنة فاكتبوها له حسنة وإن لم يعملها فإن عملها فعشر أمثالها وإن هم بسيئة فلا تكتبوها فإن عملها فسيئة » { وهم لا يظلمون } أي لا ينقص من ثواب طاعاتهم ولا يزاد على عقاب سيئاتهم . أسئلة : ما الحكمة في الأضعاف ؟ جوابه كان للأمم أعمار طويلة وطاعات كثيرة فوضع الله لهذه الأمة ليلة القدر خيراً من ألف شهر وأضعاف الأعمال { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها } { كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة } [ البقرة : 261 ] { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } [ الزمر : 10 ] وأيضاً لو أن الخصماء يتعلقون بهم يوم القيامة فيذهبون بأعمالهم إلى أن تبقى الأضعاف فيقول الله أضعافهم ليست من فعلهم هي من رحمتي فلا أقتص منهم أبداً . آخر : كيف يوجب الكفر عقاب الأبد ؟ جوابه أن الكافر كان على عزم الكفر لو عاش أبداً فاستحق العقاب الأبدي بناء على ذلك الاعتقاد بخلاف المسلم المذنب فإنه يكون على عزم الإقلاع فلا جرم تكون عقوبته منقطعة ، وأيضاً الذي جهله الكافر وهو ذات القديم سبحانه وصفاته شيء لا نهاية له فيكون جهله لا يتناهى فكذا عقابه . آخر : إعتاق الرقبة الواحدة تارة جعل بدلاً عن صيام ستين يوماً وهو في كفارة الظهار وتارة بدلاً عن صيام أيام قلائل . آخر : أحدث في رأس إنسان موضحتين فوجب أرشان فإن عاد ورفع الحاجز بينهما صار الواجب أرش موضحة واحدة فهاهنا ازدادت الجناية وقل العقاب . آخر : قد يجتمع بسبب أطراف تبان ولطائف تزال ديات متعددة إذا حصل الاندمال ، وقد ترتقي إلى نيف وعشرين . الأذنان أو إبطال حسهما ، العينان أو البصر ، الأجفان ، المارن ، الشفتان ، اللسان أو النطق ، الأسنان ، اللحيان ، اليدان ، الذكر والأنثيان ، الحلمتان ، الشفران ، الإليتان ، الرجلان ، العقل ، السمع ، الشم ، الصوت ، الذوق ، الإمناء أو الإحبال ، إبطال لذة الجماع ، إبطال لذة الطعام ، الإفضاء ، البطش ، المشي . وقد تضاف إليها موجبات الجوائف والمواضح وسائر الشجات . فإن عاد الجاني قبل الاندمال وحز الرقبة أوقده بنصفين لم يجب إلاّ دية النفس ، وكل ذلك يدل على أن رعاية المماثلة غير معتبرة في الشرع . والجواب عن الأسئلة الثلاثة أن هذه الأمور من تعبدات الشرع المطهر وتحكماته فلا سبيل بعقولنا إليها . ويمكن أن يجاب عن الثالث بأن بدل الأطراف لما لم يستقر بالاندمال دخل في دية النفس لعسر ضبط ذلك والجزاء الحقيقي موكول إلى يوم الجزاء والله أعلم . قال أهل السنة : كل الثواب تفضل من الله تعالى فلا إشكال . وقالت المعتزلة : إن بين الثواب والتفضل فرقاً لأن الثواب هو المنفعة المستحقة والتفضل هو المنفعة التي لا تكون مستحقة . ثم اختلفوا فقال الجبائي : العشرة تفضل والثواب غيرها إذ لو كان الواحد ثواباً والتسعة تفضلاً لزم أن يكون الثواب دون التفضل فلا يكون للتكليف فائدة . وقال آخرون : لا يبعد أن يكون الواحد ثواباًً إلا أنه يكون أعلى شأناً من التسعة الباقية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.