الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{ذَٰلِكَ مِمَّآ أَوۡحَىٰٓ إِلَيۡكَ رَبُّكَ مِنَ ٱلۡحِكۡمَةِۗ وَلَا تَجۡعَلۡ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ فَتُلۡقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُومٗا مَّدۡحُورًا} (39)

وقوله سبحانه : { ذلك مِمَّا أوحى إِلَيْكَ رَبُّكَ } [ الإسراء : 39 ] .

الإِشارةُ ب{ ذلك } إلى هذه الآداب التي تضَّمنتها هذه الآياتُ المتقدِّمة ، و{ الحكمة } قوانينُ المعاني المُحِكَمة ، والأفْعَالِ الفاضلة .

( ت ) : فينبغي للعاقل أنْ يتأدَّب بآداب الشريعة ، وأنْ يحسن العشرْة مع عَبادِ اللَّه .

قال الإِمام فَخْرُ الدِّين ابْنُ الخَطِيب في «شرح أسماء اللَّه الحسَنى » كان بعضُ المشايِخِ يقولُ : مَجَامِعُ الخَيْرَاتِ محصُورَةٌ في أمرَيْنِ صِدْقٍ مَعَ الحَقِّ ، وخُلُقٍ مع الخَلْقِ انتهى .

وذكر هشامُ بنُ عبْدِ اللَّهِ القرطبيُّ في تاريخه المسمَّى ب«بهجة النَّفْسَ » ، قال : دخَلَ عبدُ الملكِ بْنُ مَرْوَانَ على معاويةَ ، وعنده عَمْرُو بن العاصِي ، فلم يَلْبَثْ أنْ نَهَضَ ، فقال معاوية لعمْرٍو : ما أكْمَلَ مُرُوءَةَ هذا الفتى ! فقال له عمرو : إنه أخذ بأخْلاَقٍ أربعةٍ ، وترك أخلاقاً ثلاثةً ، أخذ بأحْسَنِ البشر إِذا لقي ، وبأحْسن الاستماع إِذا حُدِّثَ ، وبأحْسَنِ الحديثِ إِذَا حَدَّث ، وبأحسنِ الرَّدِّ إِذا خولِفَ ، وتركَ مُزَاحَ من لا يُوثَقُ بعقله ، وتَرَكَ مخالَطَةَ لِئَامِ النَّاس ، وتَرَكَ مِنَ الحديثِ ما يُعْتَذَرُ منْه ، انتهى .

وقوله سبحانه : { وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ الله إلها آخَرَ } خطابٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ، والمراد غيره ، «والمدحورُ » المهانُ المُبْعَدُ .