الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَتَٱللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصۡنَٰمَكُم بَعۡدَ أَن تُوَلُّواْ مُدۡبِرِينَ} (57)

وقوله : { وتالله لأَكِيدَنَّ أصنامكم } [ الأنبياء : 57 ] .

رُوِيَ : أَنَّهُ حَضَرَهُم عِيدٌ لهم ، فعزم قومٌ منهم على إبراهيمَ في حُضُورِهِ طمعاً منهم أَنْ يَسْتَحْسِنَ شيئاً من أحوالهم ، فَمَشَى معهم ، فلما كان في الطريق ثَنَى عَزْمَه على التَّخَلُّفِ عنهم ، فقعد ، وقال لهم : { إني سقيم } [ الأنبياء : 89 ] فَمرَّ به جُمْهُورهُم ، ثم قال في خلوةٍ من نفسه : { وتالله لأَكِيدَنَّ أصنامكم } فَسَمِعَهُ قومٌ من ضَعَفَتِهِم مِمَّنْ كان يسيرُ في آخِرِ الناس .

وقوله : { بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ } معناه : إلى عِيدِكُمْ ، ثم انصرف إبراهيمُ عليه السلام إلَى بيت أصنامِهِم فدخله ، ومعه قدُومٌ ، فوجد الأَصنامَ قد وُقِّفَتْ ، أكْبَرُهَا أَوَّلٌ ، ثم الذي يليه فالذي يليه ، وقد جعلوا أَطْعِمَتَهُم في ذلك اليوم بين يدي الأَصنام ؛ تبركاً لينصرفوا من ذلك العيد إلى أَكْلِهِ ، فجعل عليه السلامُ يقَطِّعُهَا بتلك القدومِ ، ويُهَشمُهَا حتى أَفسد أَشكالها ، حاشا الكبيرَ ؛ فإنَّهُ تَرَكَهُ بحالِهِ وعَلَّقَ القدومَ في يَدِهِ ، وخرج عنها .