الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قَالَتۡ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٞ وَلَمۡ يَمۡسَسۡنِي بَشَرٞۖ قَالَ كَذَٰلِكِ ٱللَّهُ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ إِذَا قَضَىٰٓ أَمۡرٗا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ} (47)

وقولُ مَرْيَمَ : { أنى يَكُونُ لِي وَلَدٌ } استفهام عن جهة حَمْلها ، واستغراب الحَمْلِ على بَكَارتها ، و( يَمْسَسْ ) معناه : يَطَأ ويُجَامِع .

( ص ) : والبَشَر يُطْلَقُ على الواحِدِ والجمع ، اه .

والكلامُ في قولِهِ : { كذلك } كالكلامِ في أمر زكريَّا ، وجاءَتِ العبارةُ في أمر زكريَّا : ( يَفْعَلُ ) ، وجاءت هنا : ( يَخْلُقُ ) ، من حيث إنَّ أمر زكريَّا داخلٌ في الإِمكان الذي يتعارَفُ ، وإنْ قَلَّ ، وقصَّة مريم لا تتعارَفُ البتَّة ، فلفظ الخَلْق أقربُ إِلى الاِختراعِ ، وأدَلُّ عليه .

وقوله تعالى : { إِذَا قَضَى أَمْراً }[ آل عمران :47 ] .

معناه : إِذا أراد إِيجاده ، والأمر واحدُ الأمور ، وهو مَصْدَرٌ سُمِّيَ به ، والضميرُ في ( لَهُ ) عائدٌ على الأمْر والقول ، على جهة المخاطبة .

وقوله : { كُنْ } خطابٌ للمَقْضِيِّ . وقوله : { فَيَكُونُ } ، بالرفع : خطابٌ للمُخْبَر .