السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالَتۡ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٞ وَلَمۡ يَمۡسَسۡنِي بَشَرٞۖ قَالَ كَذَٰلِكِ ٱللَّهُ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ إِذَا قَضَىٰٓ أَمۡرٗا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ} (47)

{ قالت ربّ } أي : يا سيدي فقولها لله عز وجلّ وقيل : قالته لجبريل قاله البغويّ وقال الزمخشري : ومن بدع التفاسير أن قولها رب نداء لجبريل بمعنى يا سيدي { أنى } أي : كيف { يكون لي ولد ولم يمسسني بشر } أي : ولم يصبني رجل بتزوّج ولا غيره ، قالت ذلك تعجباً إذ لم تكن جرت العادة بأن يولد مولود بلا أب أو استفهاماً عن أن يكون بتزوّج أو بغيره { قال } الأمر { كذلك } من خلق ولد منك بلا أب { الله يخلق ما يشاء } القائل جبريل أو الله وجبريل حكى لها وقوله تعالى { إذا قضى أمراً } أي : أراد كون شيء { فإنما يقول له كن } صر وقرأ { فيكون } ابن عامر بفتح النون ، والباقون بضمها أي : فهو يكون ؛ لأنه تعالى كما يقدر أن يخلق الأشياء مدرّجاً بأسباب وموادّ يقدر أن يخلقها دفعة من غير ذلك ، فنفخ جبريل في جيب درعها فحملت وكان من أمرها ما ذكر في سورة مريم وسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام عليه هناك .