الآية 47 وقوله تعالى : { قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر } عرفت مريم أن الولد يكون بمس البشر ، وعلمت أنها لم{[3842]} تتزوج ، ولم{[3843]} يمسسها بشر أبدا لأنها { قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر } فإن لم يكن مسها{[3844]} أحد قبل ذلك ، [ فما مسها ]{[3845]} في حادث الوقت ، فيكون لها منه الولد . فلما لم يقل لها : يمسك ، ولكن { قال كذلك الله يخلق ما يشاء } دل ذلك أنها علمت أنها لا تتزوج أبدا لأنها كانت محررة لله ومخلصة له في العبادة ، والله أعلم .
ويحتمل قوله : { أنى يكون لي ولد } أي من أي وجه{[3846]} يكون لي ولد ؟ بالهبة ؟ لأنها بشرت{[3847]} أن [ يوهب لها ولد ]{[3848]} فقالت : من أي وجه يكون لي ولد { ولم يمسسني بشر } ؟ ثم { قال كذلك الله يخلق ما يشاء } تأويله ما ذكر في سورة مريم حيث { قالت أنى يكون لي غلام } الآية [ 20 ] ثم { قال كذلك قال ربك هو علي هين } الآية [ 21 ] أي خلق الخلق علي هين بأب وغير أب وبمس وبغير مس وبسبب وبغير{[3849]} سبب على ما خلق آدم بغير أب ولا أم . فعلى ذلك يخلق بتوالد بعض من بعض وبغير توالد بعض من بعض كخلق الليل والنهار ، يخلق بلا توالد أحدهما من الآخر ، فكذلك يخلق لك ولدا من غير أب ولا مس بشر ، وبالله الحول والقوة .
وقوله تعالى : { إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون } أي إذا قضى أحد أو بتكوين شيء { فإنما يقول له كن فيكون } لا يثقل عليه ولا يصعب خلق الخلق وتكوينهم كقوله : { ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة } [ لقمان : 28 ] أي خلق الخلق كلهم ابتداء وبعضهم بعد الموت كخلق نفس واحدة أن يقول { له كن فيكون } وإنما يثقل ذلك على الخلق ، ويصعب لموانع وأشغال تشغلهم ، فأما الله سبحانه تعالى تعالى عن أن يشغله شغل ، ويمنعه مانع ، أو يحجب عليه حجاب .
وقوله تعالى : { فإنما يقول له كن فيكون } ذكر ، والله أعلم ، هذا الحرف لأنه ليس في كلام العرب حرف أو جزء منه ، يعبر ، فيفهم معناه إلا كان منه جل وعلا كاف ونون{[3850]} أو حرف أو هجاء أو صفة ، تفهم ، وتعرف حقيقته ، أو يوصف هو معنى من معاني كلام الخلق وصفاتهم ، [ أو يكون لتكوين وقت أو مدة أو حال ]{[3851]} أو يكون تكوين على ما يكون من الخلق ، إنما هو حرف أو جزء حرف ، يفهم معناه بالعبادة : إخبار منه جل وعلا عن سرعة نفاذ أمره ومشيئته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.