فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَتۡ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٞ وَلَمۡ يَمۡسَسۡنِي بَشَرٞۖ قَالَ كَذَٰلِكِ ٱللَّهُ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ إِذَا قَضَىٰٓ أَمۡرٗا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ} (47)

( قالت ) على طريقة الاستعباد العادي ( رب أنى ) كيف ( يكون لي ولد ولم يمسسني بشر ) أي والحال أنه على حالة منافية للحالة المعتادة من كون له أب ولم يصبني رجل بتزوج ولا غيره .

( قال كذلك الله يخلق ما يشاء ) يعني هكذا يخلق الله منك ولدا من غير أن يمسك بشر ، وعبر هنا بالخلق وفي قصة يحيى بالفعل لما أن ولادة العذراء من غير أن يمسها بشر أبدع وأغرب من ولادة عجوز عاقر من شيخ ، فكان الخلق المنبئ عن الاختراع أنسب بهذا المقام من مطلق الفعل .

( إذا قضى أمرا ) هو من كلام الله سبحانه وأصل القضاء الأحكام وقد تقدم وهو هنا الارادة أي إذا أراد أمرا من الأمور ( فإنما يقول له كن فيكون ) من غير عمل ولا مزاولة وهو تمثيل لكمال قدرته .