الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَأَنذِرۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡأٓزِفَةِ إِذِ ٱلۡقُلُوبُ لَدَى ٱلۡحَنَاجِرِ كَٰظِمِينَۚ مَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنۡ حَمِيمٖ وَلَا شَفِيعٖ يُطَاعُ} (18)

ثم أمر اللَّه تعالى نبيَّه عليه السلام بإنْذارِ العَالَمِ وتحذيرِهِمْ مِنْ يومِ القيامةِ وأهوالِه ، و{ الآزِفَة } : القريبةُ مِنْ أَزِفَ الشيءُ إذا قَرُبَ ، و{ الآزفة } في الآية : صِفَةٌ لمحذوفٍ قَدْ عُلِمَ واسْتَقَرَّ في النفوس هولُه ، والتقديرُ يَوم الساعة الآزفة ، أو الطَّامَةُ : الآزفةُ ، ونحو هذا .

وقوله سبحانه : { إِذِ القلوب لَدَى الحناجر } معناه : عندَ الحناجِر ، أي قد صَعِدَتْ من شِدَّةِ الهولِ والجزع ، والكَاظِمُ الَّذِي يردُّ غيظَهُ وجزعَهُ في صَدْرِهِ ، فمعنى الآية : أنهم يَطْمَعُونَ في رَدِّ ما يجدونه في الحناجر ، والحال تغالبهم ، و{ يُطَاعُ } في مَوْضِعِ الصفةِ ل { شَفِيعٍ } ؛ لأن التقدير : ولا شفيعٍ مطاعٍ ، قال أبو حيان { يُطَاعُ } في مَوْضِعِ صفة ل { شَفِيعٍ } ، فيحتملُ أنْ يكونَ في موضعِ خَفْضٍ على اللفظِ ، أو في موضِع رفعٍ على الموضِعِ ، ثم يحتملُ النَّفيُ أنْ يكونَ مُنْسَحِباً على الوصْفِ فقَطْ ، فيكونُ ثَمَّ شَفِيعٌ ، ولكنَّه لا يُطَاعُ ، ويحتملُ أن يَنْسَحِبَ على الموصوفِ وصفتهِ ، أي : لا شفيعَ فيطاعَ ، انتهى . وهذا الاحتمالُ الأخير هو الصوابُ ، قال ( ع ) : وهذهِ الآيةُ كُلُّها عندي اعتراضٌ في الكلام بليغٌ .