الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَيَبۡلُوَنَّكُمُ ٱللَّهُ بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلصَّيۡدِ تَنَالُهُۥٓ أَيۡدِيكُمۡ وَرِمَاحُكُمۡ لِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ مَن يَخَافُهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَلَهُۥ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (94)

قوله سبحانه : { يا أيها الذين ءَامَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ الله بِشَيْءٍ مِّنَ الصيد }[ المائدة :94 ] .

أي : ليختبرنَّكم ليرى طاعتكم مِنْ معصيتكم ، وقوله : ( بشيءٍ ) يقتضي تبعيضاً ، و( مِنْ ) : يحتمل أنْ تكون للتبعيض ، ويحتمل أنْ تكون لبيانِ الجِنْس ، كقوله تعالى : { فاجتنبوا الرجس مِنَ الأوثان }[ الحج : 30 ] .

وقوله تعالى : { لِيَعْلَمَ الله مَن يَخَافُهُ بالغيب }[ المائدة :94 ] معناه : ليستمرَّ علمه تعالى عليه ، وهو موجودٌ ، إذ قد علم تعالى ذلك في الأزل ، و{ بالغيب } قال الطبريُّ : معناه في الدنيا حيثُ لا يَرَى العبْدُ ربَّه ، فهو غائبٌ عنه ، والظاهر أنَّ المعنى : ( بالغَيْب ) من الناس ، أي : في الخَلْوة ممَّن خاف اللَّه ، انتهى . قلتُ : وقول الطبريِّ أظهر ، ثم توعَّد تعالى من اعتدى بعد النهْيِ بالعذابِ الأليم ، وهو عذابُ الآخرة .