الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَمَنۡ خَفَّتۡ مَوَٰزِينُهُۥ فَأُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَظۡلِمُونَ} (9)

قال جمهور الأُمَّةِ : إنَّ اللَّه عز وجل أراد أن يبين لعباده أن الحِسَابَ والنظر يوم القِيَامَةِ هو في غَايَةِ التحرير ، ونهاية العَدْلِ ، بأَمْرٍ قد عرفوه في الدُّنْيَا ، وعهدته أفهامهم ، فميزان القِيَامَةِ له عمود وَكِفَّتَانِ على هيئة مَوَازِينِ الدنيا ، جَمَع لفظ «المَوَازِين » ، إذ في الميزان مَوْزُونَاتٌ كثيرة ، فكأنه أراد التَّنْبِيه عليها .

قال الفخر : والأظْهَرُ إثبات مَوَازِينَ في يوم القيامة ، لا ميزان واحدِ ، لظواهر الآيات ، وحمل الموازين على الموزونات ، أو على الميزان الواحد يوجبان العُدُولَ عن ظَاهِرِ اللفظ ، وذلك إنما يُصَارُ إليه عند تَعَذُّرِ حَمْلِ الكلام على ظَاهِرِهِ ، ولا مانع هاهنا منه ، فوجب إِجْرَاءُ اللفظ على حقيقته ، فكما لم يمتنع إثبات مِيزانٍ له كِفَّتان ، فكذلك لا يمتنع إِثْبَاتُ موازين بهذه الصِّفَةِ ، وما الموجب لتَرْكِهِ ، والمصير إلى التأويل ، انتهى .

قال أبو حَيَّان : موازينه جُمِعَ باعتبار المَوْزُونَاتِ ، وهذا على مذهب الجمهور ، في أن الميزَانَ واحد .

وقال الحسن : لكل واحدِ ميزَانٌ ، فالجمع إذن حَقِيقَةٌ ، انتهى .

والآيات هُنَا البَرَاهِينُ والأوامر والنواهي .