الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَٰكُمۡ ثُمَّ صَوَّرۡنَٰكُمۡ ثُمَّ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ لَمۡ يَكُن مِّنَ ٱلسَّـٰجِدِينَ} (11)

قوله سبحانه : { وَلَقَدْ خلقناكم ثُمَّ صورناكم . . . } [ الأعراف :11 ] .

هذه الآية مَعْنَاهَا التَّنْبِيهُ على مواضع العِبْرَةِ ، والتعجيب من غريب الصنعة ، وإسداء النعمة ، واختلف العلماء في تَرْتِيبِ هذه الآية ، لأن ظاهرها يَقْتَضِي أن الخَلْقَ والتصوير لبني آدم قَبْلَ القَوْلِ للملائكة أَن يَسْجُدُوا ، وقد صححت الشريعة أن الأَمْرَ لم يَكُنْ كذلك ، فقالت فرقة : المُرَادُ بقوله سبحانه : { وَلَقَدْ خلقناكم ثُمَّ صورناكم } آدم ، وإن كان الخِطَابُ لبنيه .

وقال مجاهد : المعنى : { ولقد خَلَقْنَاكم ، ثم صورناكم } في صُلْبِ آدم ، وفي وقت استخراج ذريّة آدم من ظَهْرِهِ أمثال الذّر في صورة البَشَرِ ، ويترتب في هَذَيْنِ القولين أن تكون { ثم } على بابها في الترتيب ، والمُهْلَةِ .

وقال ابن عباس ، والربيع بن أنس : أما { خلقناكم } فآدم ، وأما { صورناكم } فذرّيته في بُطُونِ الأمهات .

وقال قتادة ، وغيره : بل ذلك كله في بُطُونِ الأمهات من خَلْقٍ ، وتصوير ، { وثُمَّ } لترتيب الإخبار بهذه الجمل ، لا لترتيب الجُمَلِ في أنفسها .

وقوله سبحانه : { فَسَجَدُواْ إِلا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِّنَ الساجدين قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ قَالَ فاهبط مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فاخرج إِنَّكَ مِنَ الصاغرين قَالَ أَنظِرْنِي إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ إِنَّكَ مِنَ المنظرين قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأقْعُدَنَّ لَهُمْ صراطك المستقيم }[ الأعراف :11 ، 12 ، 13 ، 14 ، 15 ، 16 ] .

تقدم الكلام على قَصَصِ الآية في «سورة البقرة » .