الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَمِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغۡرَمٗا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ ٱلدَّوَآئِرَۚ عَلَيۡهِمۡ دَآئِرَةُ ٱلسَّوۡءِۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (98)

وقوله سبحانه : { وَمِنَ الأعراب مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا } [ التوبة : 98 ] . نصٌّ في المنافقين منهم ، و«الدوائر » : المصائبُ ، ويحتمل أن تشتقَّ من دَوَرَانِ الزمانِ ، والمعنَى : ينتظر بكم ما تأتي به الأيام ، وتدُورُ به ، ثم قال على جهة الدعاء : { عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السوء } ، وكلُّ ما كان بلفظ دعاء من جهة اللَّه عزَّ وجلَّ ، فإِنما هو بمعنى إِيجاب الشيْء ؛ لأن اللَّه لا يَدْعُو على مخلوقاته ، وهي في قبضته ؛ ومن هذا { وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } [ الهمزة : 1 ] ، { وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ } [ المطففين : 1 ] ، فهي كلُّها أحكام تامَّة تضمَّنها خبره تعالى .

( ت ) : وهذه قاعدةٌ جيِّدة ، وما وقع له رحمه اللَّه مما ظاهره مخالفٌ لهذه القاعدة ، وجب تأويله بما ذَكَرَه هنا ، وقد وقَع له ذلك بعد هذا في قوله : { صَرَفَ الله قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ } [ التوبة : 127 ] ، قال : يحتملُ أنْ يكون دعاءً عليهم ، ويحتملُ أنْ يكون خبراً ، أي : استوجبوا ذلك ، وقد أوضَحَ ذلك عند قوله تعالى : { قُتِلَ أصحاب الأخدود } [ البروج : 4 ] ، فانظره هناك .