الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَمِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغۡرَمٗا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ ٱلدَّوَآئِرَۚ عَلَيۡهِمۡ دَآئِرَةُ ٱلسَّوۡءِۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (98)

ثم قال تعالى : { ومن الاعراب من يتخذ ما ينفق مغرما }[ 98 ] .

والمعنى : ومن الأعراب من يعُدُّ ما ينفق فيما ندبه الله عز وجل إليه { مغرما } لا ثواب له فيه ، { ويتربص بكم الدوائر }[ 98 ] ، أي : ينتظر بكم ما تدور به الأيام والليالي من المكروه والسوء ، { عليهم دائرة السوء }[ 98 ] ، أي : عليهم يرجع المكروه والسوء{[29524]} .

وهذا كله في منافقين من الأعراب ، قاله : ابن زيد{[29525]} .

وقوله : { دائرة السوء }[ 98 ] .

ومن قرأ بالضم{[29526]} ، فمعناه : دائرة العذاب ، و{ دائرة السوء } : البلاء{[29527]} .

قال الفراء : ولا يجوز على هذا " هذا امرؤ سوء " {[29528]} ، كما لا يجوز " هذا امرؤ عذاب " {[29529]} .

وقال المبرد " السّوء " بالفتح : الرداءة{[29530]} .

قال{[29531]} سيبويه : " مررت برجل صدق " ، معناه : مررت برجل صالح{[29532]} ، وليس هو من صدق اللسان ، وكذلك تقول : " مررت برجل سوء " ، أي : برجل فساد ، وليس هو من : سوءته ( سوءا{[29533]} .

وقال الفراء : " السوء " بالفتح ، مصدر من : سوءته سوءا ومساءة ){[29534]} وسوائية ومسائية{[29535]} .

وقال اليزيدي{[29536]} في الضم ، يعني : دائرة الشر ، فكأن السوء الاسم ، والسَّوء المصدر{[29537]} ، فافهم .


[29524]:انظر: جامع البيان 14/430.
[29525]:جامع البيان 14/431، وتفسير ابن أبي حاتم 6/1866، والدر المنثور 4/267.
[29526]:بضم السين، وهي قراء ابن كثير، وأبي عمرو. الكشف عن وجوه القراءات السبع 1/505، والفتح هو الاختيار فيه، وكتاب السبعة في القراءات 316، وإعراب القراءات السبع وعللها 1/252، والتيسير 97.
[29527]:انظر: الكشف 1/505، ومشكل إعراب القرآن 1/334، وجامع البيان 14/431.
[29528]:معاني القرآن 1/450، ونصه: "ولا يجوز ضم السين في قوله: (ما كان أبوك امرأ سوء)[مريم آية 27]. ولا في قوله: (وظننتم ظن السوء)[الفتح آية: 21]، لأنه ضد لقولك: هذا رجل صدق، وثوب صدق، فليس للسوء هاهنا معنى في عذاب ولا بلاء، فيضم.
[29529]:إعراب القرآن للنحاس 2/232، وتمامه: "ولا شر" وبواسطته نقل مكي عن الفراء.
[29530]:إعراب القرآن للنحاس 2/232، وأورده القرطبي في تفسيره 8/149، وأبو حيان في البحر 5/95.
[29531]:في إعراب القرآن للنحاس: "قال-يعني المبرد-: وقال سيبويه".
[29532]:في المصدر نفسه: "صلاح".
[29533]:المصدر نفسه 2/332، بتصرف.
[29534]:ما بين الهلالين ساقط من "ر".
[29535]:معاني القراء 1/450، وهو في إعراب القرآن للنحاس 1/232، وعنه نقل مكي.
[29536]:لعله أبو عبد الرحمن عبد الله بن يحيى اليزيدي، صاحب غريب القرآن وتفسيره.
[29537]:لم أقف عليه فيما لدي من مصادر. وينظر: المحرر الوجيز 3/74، وتفسير القرطبي 8/149، والبحر المحيط 5/95.