{ فخراج ربك } فعطاء ربك وإنعامه .
{ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السماوات وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ { 71 ) أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ { 72 ) وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ { 73 ) وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ { 74 ) وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ { 75 ) }
شهد الله تعالى أن نبيه بنعمة ربه ليس إلا هاديا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ، وما أرسله مولاه الحكيم إلا بالحق { بل جاءهم الحق } وإنما كرهوا ما أنزل الله لأنه لا يوافق أهواءهم ؛ ولو وافق أهواءهم لهلك الكون بمن فيه .
نقل صاحب الجامع لأحكام القرآن عن النحاس : وتقديره في العربية : ولو اتبع صاحب الحق ؛ وقد قيل : هو مجاز ، أي لو وافق الحق أهواءهم ؛ فجعل موافقته اتباعا مجازا ؛ أي لو كانوا يكفرون بالرسل ويعصون الله عز وجل ثم لا يعاقبون ولا يجازون على ذلك . . . لفسدت السماوات والأرض ؛ وقيل : المعنى : ولو كان الحق ما يقولون من اتخاذ آلهة مع الله تعالى لتنافت الآلهة ، وأراد بعضهم ما لا يريده بعض ، فاضطرب التدبير وفسدت السماوات والأرض ، وإذا فسدتا فسد من فيهما . . . وظاهر التنزيل في قراءة الجمهور يكون محملا على فساد ما يعقل من الحيوان ؛ لأن ما لا يعقل تابع لما يعقل في الصلاح والفساد ، فعلى هذا ما يكون من الفساد يعود على من في السماوات من الملائكة بأن جعلت أربابا وهي مربوبة ، وعبدت وهي مستعبدة ؛ وفساد الإنس يكون على وجهين : أحدهما باتباع الهوى ، وذلك مهلك ؛ والثاني بعبادة غير الله ، وذلك كفر . . . اه{[2371]} ؛ بل جئناهم بالقرآن الذي فيه فخرهم وشرفهم كما امتن الله تعالى عليهم بذلك في قوله تبارك اسمه : { فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم . وإنه لذكر لك ولقومك . . ){[2372]} ، فأعرضوا عن الكتاب الذي ترفع به أقدارهم ؛ [ وقيل ! المراد بذكرهم ما تمنوه بقولهم : { لو أن عندنا ذكرا من الأولين . لكنا عباد الله المخلصين ){[2373]} فكأنه قيل : بل أتيناهم بالكتاب الذي تمنوه ]{[2374]} وما دمت تدعو إلى الحق ، وبالحق تقوم السماوات والأرض ، وفي الحق الذي جئت به صيتهم وعزهم فلماذا التكذيب ؟ بل أنكصوا على أعقابهم إذ ناديتم إلى الخير والرشد لأنك تطالبهم بأجر على هدايتك إياهم ؟ كلا ! فإنما أجرك الأوفى تناله من ربك العلي الأعلى ، فأنت لا تسألهم شيئا ، فإن ما آتاك الله في الأولى والأخرى خير مما يجمعون ، وأوسع وأدوم مما هم فيه ممتعون ، وربك خير الرازقين ، فرزقه أبرك رزق وأخلد ؛ ولا يصدنك والمؤمنين عما هداكم إليه رب العالمين ما ترون من نكوص هؤلاء المستكبرين ، فإنك لا تسمع الموتى { . . ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين . وما أنت بهادي العمى عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا . . ){[2375]} فأنت على الحق المبين{[2376]} ، ومن استقام على المنهاج الذي بعثت به أدرك رضوان رب العالمين : { . . إن ربي على صراط مستقيم ){[2377]} ؛ وقد كفر كثير ممن دعوت بالله الواحد ، وكفروا بالحق الذي جاءهم ، والرسول الذي دعاهم ونصح لهم ؛ وكذبوا بما ينتظرهم من الجزاء يوم يلقون ربهم ، فمالوا عن الخير والرشد ميلا عظيما ، فاستوجبوا بكفرهم وتكذيبهم عذابا أليما مقيما ؛ { ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر } بعد أن عاينوا النار وسوء المستقر ، فرددناهم إلى الدنيا لعاودوا الطغيان والشر ، والصدود والكفر ؛ وبهذا شهد كتاب ربنا الحكيم الخبير : { ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين . بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون . وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين ){[2378]} فهذا من علمه تعالى بما لا يكون لو كان كيف يكون ؛ قال الضحاك عن ابن عباس : كل ما فيه [ لو ] فهو مما لا يكون أبدا{[2379]}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.